نستعرض في هذه السلسة مجموعه من ابرز العملات العربية والتى تواجه تراجعات قوية خاصة منذ بداية جائحة كورونا. يتصدر الجنيه السوداني هذه العملات المتدهورة الارتفاع الحاد في سعر الجنيه أمام الدولار في السوق الموازية. بجانب عملات عربية اخرى، الليرة اللبنانية والليرة السورية. كما اصاب التدهور بعض عملات دول عربية نفطية مثل العراق وليبيا.
انهار الجنيه السوداني نتيجة سلسلة من الاحداث السياسة والاقتصادية التى شهدتها السودان منذ نهاية 2019. كان ابرزها الثورة المحلية على حكم الرئيس السابق عمر البشير. بالاضافة الى سلسلة من الاضطرابات السياسية اللاحقة. بالاضافة الى كوارث طبيعية مثل فيضان نهر النيل الذي اغرق العديد من القرى خلال نهاية العام الماضي. اخيرًا الاضطرابات العسكرية مع اثوبيا.
تسببت الفيضانات في السودان في مقتل أكثر من 100 شخص هذا الصيف واغراق أكثر من 100000 منزل، لتعلن الحكومة حالة طوارئ اقتصادية بعد هبوط حاد في قيمة العملة الوطنية، الجنيه السوداني. وسط تصريحات لوزير الإعلام السوداني فيصل صالح إن “تدهور العملة كان دراماتيكياً”. واتهم الموالين للرئيس المخلوع عمر البشير بمحاولة تقويض انتقال السودان إلى الديمقراطية. وقال “خزينة الحكومة فارغة”.مما زاد من الضغط على الاقتصاد الذي يعاني بالفعل.
على الجانب الاخر، لم تكن الاخبار بأكملها سلبية حيث ساهمت التقارير الايجابية برفع اسم السودان من الدول الراعية للارهاب في انتعاش سعر الجنيه السوداني. وذلك في نهاية العام الماضي وقبل مغادرة ترامب مقعد الرئاسة الامريكية.
كان من ضمن الاخبار الايجابية ايضًا قالت السعودية والإمارات يوم الأحد إنهما اتفقتا على إرسال مساعدات بقيمة ثلاثة مليارات دولار للسودان، بما في ذلك وديعة للبنك المركزي بقيمة 500 مليون دولار لتخفيف الضغط على الجنيه.
تعويم الجنيه السوداني
وسعت تلك الاحداث المتلاحقة الفارق ما بين سعر الجنيه السوداني مقابل الدولار والمعلن عنه من قبل البنك المركزي السوداني، والاسعار الحقيقية في السوق الموازية. فبينما كانت الاسعار الرسمية للدولار عند 55 جنيه سوداني، كانت اسعار الدولار في السوق الموازية تتراوح ما بين 350و400 جنيه سوداني.
ينعكس التراجع المستمر للجنيه السوداني أمام العملات الأجنبية سلباً على أسعار السلع الضرورية. مما دفع موردي المواد الغذائية الرئيسيين إلى وقف توزيع منتجاتهم ورفع أسعار المواد الغذائية بنسبة تتراوح بين 50٪ و 100٪ في محلات التسوق وتجار التجزئة. مما زاد من معاناة المواطنين.
بحسب تقرير حديث للمكتب المركزي للإحصاء السوداني،قفز معدل التضخم في السودان الذي يأتي في المرتبة الثانية بعد فنزويلا، حيث ارتفع المعدل الرئيسي إلى 143.78٪ في يوليو من 136.36٪ في يونيو 2020.
في النهاية لم تجد الحكومة السودانية بد من تحرير سعر الجنيه ضمن خطوات للقضاء على السوق الموازية. وذلك بتاريخ 21 فبراير حيث حافظت العملة على سعرها في حدود 380 جنيها للدولار الأمريكي. على ان تلتزم البنوك ودور الصرافة باعلان سعر صرف في نطاق يزيد او ينقص بنسبة 5% عن سعر البنك المركزي بناء على العرض والطلب. والا يزيد هامش الربح بين سعري البيع والشراء عن 0.5%.
على الرغم من اهمية قرار التعويم في القضاء على السوق الموازية وانتشار تهريب الدولار. الا انه ادخل العملة السودانية ضمن سلسلة العملات العربية المتراجعة والتى تسجل الاداء الاسوء عالميًا بشكل اجمالي بسبب ظروف اقتصادية وسياسية لا يتوقع المحللين ان تنكشف في المدى القصير.
التعليقات مغلقة.