كيف يمكن أن تتجنب القرارات المالية الخاطئة ؟ فواحدة من أكثر المغالطات السائدة هي الربط بين الذكاء والقرارات المالية الجيدة. الأمر الذي دفع خبراء علم النفس المالي دائما ما يتسائلون: لماذا يتخذ أذكى الناس قرارات مالية خاطئة؟
فلقد لاحظ خبراء علم النفس المالي أن الأشخاص الأذكياء يتخذون قرارات غير ذكية طوال الوقت. حتى أن وارن بافيت، الرجل المعروف على نطاق واسع باسم “Oracle of Omaha”، قال منذ فترة طويلة أن معدل الذكاء ليس هو العامل المحدد الوحيد لتحقيق نتائج ناجحة.
تشير النتائج التي توصل إليها إلى أن اختبارات الذكاء رائعة حين قياس القدرات العقلية مثل المنطق والتفكير المجرد وقدرة الذاكرة. إلا إنها اختبارات ليست موثوقة عندما يتعلق الأمر باتخاذ قرارات ذكية في مواقف الحياة الواقعية.
القرارات المالية الخاطئة
وفيما يلي اثنان من أكثر الأسباب شيوعًا وراء ذلك:
1. الذكاء يزيد من القدرة على خداع نفسك بقصص خيالية عن سبب حدوث شيء ما.
أولئك الذين حصلوا على درجات عالية في معدل الذكاء ليسوا دائمًا من المتعلمين، لأنهم غالبًا ما يحاولون وضع العالم الحقيقي في النظريات التي تم تدريسها لها، في حين أن الأشخاص العاديين أفضل في قبول العالم الحقيقي بقيمته.
فعلي سبيل المثالـ نميل إلى الحكم على الآخرين بناءً على أفعالهم فقط، ولكن عند الحكم على أنفسنا، لدينا حوار داخلي يبرر أخطائنا وقراراتنا السيئة.
فإذا كنت أحد أخر بخلاف المدير المالي الذي حقق عوائد سلبية، فقد تتمكن على الفور من تحديد الخطأ الذي حدث، سواء الشراء أثناء الفقاعة، أو البيع خلال حالة من الذعر، أو عدم التنويع بما يكفي.
ولكن إذا كنت أنت المدير المالي الذي حقق تلك العوائد السلبية، ففي هذه الحالية يمكنك أن تخبر نفسك قصة تبرر قراراتك الخاطئة وتشرح النتيجة. مثل التحجج بأن الاحتياطي الفيدرالي هو الذي قام بتشويه الاقتصاد!
والخلاصة
إننا نفكر في أنفسنا بأننا أكثر كمالا من الآخرين، لأننا نادرًا ما نسمع المبررات الداخلية للأشخاص آخرين والتي تبرر بدورها أخطائهم، لكننا ندرك تمامًا أخطائنا.
وبالتالي، عندما تنعم بالذكاء، فإنك ملعون أيضًا بالقدرة الفائقة في استخدامه لتلفيق قصص معقدة – وغالبًا ما تكون خاطئة – حول سبب فشل الأشياء، خاصة القصص التي تبرر سبب ارتكابك للأخطاء.
2. الذكاء يدفعك نحو فكرة أن المشاكل المعقدة تتطلب حلولاً معقدة.
في حين أن بعض المشاكل الأكثر تعقيدًا تحتاج فقط أبسط الحلول، وذلك لأن الحلول البسيطة هي تلك التي قد تزيل إبهام أجزاء من المشكلة الغير معروفة بشكل أساسي.
إن تألق استراتيجية متوسط التكلفة الشعبية بالدولار، والتي تبدأ فيها بمبلغ مقطوع وتستثمر بمبالغ متساوية على مدى فترة معينة، وذلك بدلاً من استثمارها دفعة واحدة. سببه بساطة تلك الاستراتيجية، والتي يمكن أن تخبرك بما يفعله السوق بعد ذلك؛ أي أنك لست بحاجة إلى أن تعرف لكي تعمل.
في فيلم كين بيرنز الوثائقي لعام 2015 بعنوان “السرطان: إمبراطور جميع الأمراض”، يشرح روبرت واينبرج، باحث السرطان الرائع بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، أن سبب عدم اهتمام الأشخاص الأذكياء مثله بالحلول البسيطة رغم فاعليتها:
“إن إقناع شخص ما بالإقلاع عن التدخين هو تمرين نفسي. لا علاقة لها بالجزيئات والجينات والخلايا. ولذا فإن الأشخاص مثلي لا يهتمون به بشكل أساسي، على الرغم من حقيقة أن توجيه الابحاث نحو الإقلاع عن التدخين سيكون له تأثير كبير على وفيات السرطان أكثر من أي شيء أخر أحاول اثباته في أبحاثي”.
علاوة على ذلك، حتى عندما تتطلب المشكلة حلًا معقدًا، فإن القدرة على إيصالها بعبارات بسيطة أمر لا غنى عنه لجعل الناس يأخذونك على محمل الجد.
هذا يجعلنا نتسائل:
كم عدد العباقرة الأكاديميين الذين اكتشفوا شيئًا مدهشًا، ولكن كتبوه في ورقة كثيفة ومعقدة للغاية بحيث لا يمكن لأي شخص آخر معالجتها؟
المصدر: CNBC
التعليقات مغلقة.