في العام الماضى ارتفعت أسعار النفط لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ أربعة أعوام قبل أن تنخفض أكثر من 30 دولار في نفس العام، حيث كان هناك العديد من العوامل التي كانت تلعب دور هام خلال تلك الفترة المضطربة، أبرزها العقوبات الإيرانية ونتائج وعود أوبك بلس لزيادة الإنتاج لتجنب نقص الامدادات، ويبدو أن التقلب استمر حتى عام 2019 خاصة مع انتشار حالة عدم اليقين في عدد من المجالات الرئيسية في أسواق النفط لهذا العام.
أسعار النفط والعوامل المتحكمة في أسعار النفط :
1 .معدل الطلب:
تشير تقديرات أوبك إلى أنه سيكون هناك انخفاض في معدلات الطلب على تداول النفط في عام 2019 بسبب العديد من العوامل المختلفة، وقامت أوبك بتخفيض توقعاتها لنمو الطلب لديها بواقع 100 ألف برميل يوميًا، كما قام بنك جولدمان ساكس بتخفيض توقعاته لأسعار النفط بسبب المخاوف من زيادة المعروض وضعف معدل الطلب بشكل نسبى في ظل المخاوف المتصاعدة من الحرب التجارية والتوترات الجيوسياسية، إذا كانت التوقعات دقيقة فمن المحتمل أن يؤثر انخفاض الطلب على الأسعار على مدار العام.
2 .العرض والاحتياطيات في المستقبل:
تميل الدول الكبرى المنتجة للنفط والمستهلكة إلى امتلاك احتياطيات من النفط الخام للحفاظ على استقرار اقتصاداتها في حالة ارتفاع أسعار النفط، يتم تخزين النفط عندما يكون السعر منخفضًا، لدى الولايات المتحدة احتياطي نفط استراتيجى يمكن استغلاله بسهولة، في حين أن لدى الحلفاء المرتبطين بالنفط مثل المملكة العربية السعودية احتياطيات كبيرة يمكن استغلالها.
3 .الصحة الاقتصادية الصينية:
قد لا يكون من الممكن كسب حرب تجارية لكن يمكن أن يعانى أحد الطرفين أكثر من الآخر، يبدو أن هذا هو الحال مع الصين حيث تتزايد التوقعات بأن أرقام معدل التصنيع ونمو الناتج المحلى الاجمالى تبدو قاتمة، حصل سوق الأسهم الصينية على لقب سوق الأسهم الأسوأ أداء في عام 2018، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الحرب التجارية، ومن جهة أخرى كانت بيانات التضخم التي صدرت مؤخرًا والتي تقيس التضخم في أسعار المستهلك أقل مما يتوقعه محللى السوق حيث ارتفعت بنحو 1.9% فيما أشارت التوقعات إلى ارتفاع بنحو 2.1%، كما يبدو مؤشر أسعار المنتجين مصدر قلق بالنسبة للصين حيث ارتفع بنحو 0.9% مقابل توقعات قدرت بنمو بنسبة 1.6%، وهذا يشير إلى ركود اقتصادى محتمل في عام 2019 بما سيؤثر على الاقتصاد العالمى وأسواق النفط التي ستتضرر بشدة.
4 .الركودالعالمى والاضطراب المالى:
فى عام 2018 شهدت عمليات بيع متعددة في سوق الأسهم الأمريكية مدفوعة بالخوف من وجود أزمات مالية ونمو بطيء وحرب تجارية مستمرة، وتفاقم الأمر في عام 2019 حيث تصاعدت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة وغيرها من دول العالم، بما أثر سلبًا على البيانات الاقتصادية للدول الكبرى مما زاد من احتمالية ركود اقتصادى في كبرى اقتصادات العالم وسيتأثر تبعًا لذلك الاقتصاد العالمىالذى سيلقى بظلاله على الأسواق المالية المختلفة وخاصة أسواق النفط.
5 .الحرب التجارية:
لا شيء يزعج تدفق التجارة العالمية من الحرب التجارية وهذا سيؤثر على معدلات الطلب على السلع المختلفة بما في ذلك النفط، ويتم تضخيم التأثير إذا كانت الحرب التجارية بين أكبر اقتصادات العالم.
تعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين مهمة بشكل خاص في سوق النفط لأن هذه الدول تشكل أكثر من 30% من الطلب العالمى على النفط، بالرغم من اجراء العديد من المحادثات التجارية بين الجانبين والتي قد اختتمت بشكل ايجابىلكن التصريحات من كلا الطرفين لا تعطى اطارًا أو جدول زمنى لحل الأزمة.
تعتبر الحرب التجارية بلا شك واحدة من أهم العوامل المتحكمة في أسعار النفط خلال هذا العام.
التعليقات مغلقة.