تعرف على دول تحولت من الثراء الفاحش إلي الفقر المدقع .. ولآن الكون سُن علي التغيير، فمن الطبيعي أن يتغير كل شئ حولنا مهما كان، حتي الثروات الاقتصادية الضخمة للأمم!
فلقد تبدلت اقتصادات العديد من الدول وتغيرت أوضاعها تغيرا جذريا علي مدار القرون البعيدة والعقود القريبة. فإذا عدنا بالزمن 500 عاما فقط للوراء أو ما يزيد قليلا، سنجد العديد من الدول التي كانت تتمتع بالثراء والرخاء العظيم وأصبحت الآن من الدول الفقيرة التي قد يُرثي حالها.
وإليك أبرز 10 دول كانت تتمتع بمتوسط دخل عالي بالأمس القريب وأصبحت الآن من متوسطي الدخل او فقيرة بين دول عالم اليوم:
دول تحولت من الثراء الفاحش إلي الفقر المدقع
تايلاند
تايلاند أو مملكة أيوثايا قديما والتي كانت تغطي معظم تايلاند الحالية، كانت أغنى من العديد من الدول الأوروبية الحالية.
فلقد كانت المملكة خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر مركزًا للتجارة الدولية وعاصمتها باريس والتي كانت تنافس باريس الفرنسية من حيث الحجم والسحر والجمال.
ولقد استمرت فترات الازدهار حتي أوائل القرن الثامن عشر، حتي تراجعت التجارة وأثرت علي الاقتصاد بشدة. وكان ذلك نتيجة للحروب الدموية علي العرش وسقوط العديد من الورثة المحتملين، وزعزعة الاستقرار الملكي، الذي اثار مطامع الجيش البورمي المجاور والذي غزا المملكة عام 1765 وحاصرها عامين حتي إستلامها وخضوعها الذي آل لظهور مملكة أقل نفوذا في صورة تايلاند الحديثة.
وعلي الرغم أن الوضع الاقتصادي العام لتايلاند لا يعد من أكثر البلدان صعوبة في العالم إلا إنها حاليا تضم مناطق تإج بالفقرالمدقع خاصة الشمال الشرقي وصعيد الجنوب.
ويذكر أن نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي يُقدر بما يقرب من 6000 دولار أو ما يعادل 4200 جنيه إسترليني وهو أقل بكثير من متوسط نصيب الفرد العالمي.
مالي
مالي التي تصنف الآن كواحدة من أفقر بلدان العالم، وتندرج تحت قائمة أكثر الدول الإفريقية المعرضة للجفاف، وأقل البلدان نموا بقائمة الأمم المتحدة والتي تضم 47 دولة.
كانت منذ بضع مئات السنين بلد يتلئلئ في قلب الإمبراطورية المالية اللامعة، كواحدة من أكبر وأغنى الإمبراطوريات في أفريقيا، فلقد كانت تشغل وحدها مساحة 439400 ميل مربع (1.1 مليون كيلومتر مربع).
لقد شهدت الإمبراطورية ذروتها في عهد الإمبراطور مانسا موسى الأول(1312 – 1337). والذي يصنف بين أغنى أغنياء الذي عرفهم التاريخ على الإطلاق، فيُعتقد أنه جمع ثروة تعادل 415 مليار دولار أو ما يعادل 293 مليار جنيه إسترليني خلال فترة حكمه والتي امتدت 25 عامًا.
كانت مالي منتجًا رئيسيًا للذهب، تضم وحدها نصف المعروض العالمي التي تتداوله مع تجار مصر وبلاد فارس وجنوة والبندقية.
ولعل هذا كان السبب الرئيسي في غناها وتسميتها “بجوهرة الصحراء” والتي اندثرت في الصحراء منذ القرن السادس عشر بسبب رعونة مانسا وتبزيره وتبديده لثرواتها والتي يبدو إنه آمن وكأنها كزبد البحر الأمر الذي آل لإغراق مالي بالديون وافلاسها واسرها تحت براثن الفقر منذ ذلك الحين.
يعتمد معظم سكانها حاليا على زراعة الكفاف لسحق رزقهم الضئيل. ويُذكر أن نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي يبلغ 837 دولارًا أو ما يعادل 589 جنيهًا إسترلينيًا.
تركيا
تركيا وليدة الإمبراطورية العثمانية، نعم بعيدة عن الفقر إلا إنها ليست بالثراء والقوي العظمي التي كانت تتمتع بها إبان القرن السادس عشر الميلادي، عندما كانت تلقب بالإمبراطورية العثمانية والتي بلغ إجمالي ناتجها المحلي ثلثي الناتج المحلي لأوروبا الغربية.
بلغت الإمبراطورية عصرها الذهبي كقوة عظمى في عهد السلطان سليمان العظيم ( 1520 – 1566) لبراعته العسكرية، واهتمامه بمحاور الازدهار وسبل الإنجاز الفني العظيم.
تضاءل التوسع الإقليمي للإمبراطورية الأتراك في أواخر القرن السادس عشر، وتغلبت القوى الاستعمارية الأوروبية على الإمبراطورية العثمانية في القرن الثامن عشر.
وبحلول أوائل القرن العشرين، إنهارت الإمبراطورية تماما وصادرت ألمانيا معظم أراضيها خلال الحرب العالمية الأولى. إلا أن ولدت الجمهورية التركية بحدودها الحالية من جديد عام 1992 بعد حرب استقلال طويلة.
وتصنف تركيا الآن كاقتصاد ناشئ، يبلغ فيه نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي لما يقرب من 11000 دولار أو ما يعادل 7700 جنيه إسترليني، وهو ما يعادل المتوسط العالمي تقريبًا إلا إنه أقل من غالبية الدول الأوروبية.
الهند
الهند التي تعاني حاليا من الفقر وتجاهد بجد علي مدار السنوات الأخيرة للقضاء على الفقر المدقع الذي يجتاح الكثير من ربوعها، حيث يبلغ نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي الهندي ما يقدر بحوالي 7000 دولار أو ما يعادل 4900 جنيه إسترليني، وهو مبلغ متدني للغاية مقارنة بنصيب الفرد علي المستوي العالمي.
بدأ تدهور الهند بحلول نهاية القرن الثامن عشر، ووقوعها تحت طائلة الاستعمار البريطاني عام 1858، بعد تفشي الصراع الداخلي الذي آل لتفكك الإمبراطورية المغولية العظمي التي بلغت ذورتها خلال القرن السابع عشر كإمبراطورية عظمي امتدت لشبه القارة الهندية بأكملها تقريبا بعد أن تأسست عام 1526.
فلقد كانت الهند في عهد المغول دولة صناعية رائدة، أنتجت وحدها ربع الإنتاج الصناعي العالمي حتى بداية القرن الثامن عشر.
ولقد كان مستويات الأجور الحقيقية ومستويات المعيشة في الهند المغولية أعلى مما كانت عليه في إنجلترا، فلقد كانت المواطن الهندي يتمتع بمستوي معيشة أفضل من المواطن الأوروبي حينذاك. إلا أن المنافسة القادمة من أوروبا الصناعية عمدت لتدمير الصناعات الهندية وفقدت الأمة المستعمرة الكثير من قوتها و ثروتها لتصبح ما هي عليه الآن.
لاتفيا
أعلنت لاتفيا -التي سيطرت عليها قوى أجنبية لعدة قرون- استقلالها في عام 1918 وتبنت دستورًا ليبراليًا عام 1922. وطوال عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين ، كانت البلاد أكثر ثراءً من جيرانها البلطيق مثل فنلندا والدنمارك حتي إنها دخلت تحت حكمها.
انتقل الاقتصاد لاتفيا من قوة إلى قوة منذ استقلالها، مدفوعًا بصادراتها الزراعية والصناعية المزدهرة، إلي أن تم تدميرها من قبل النازيين والسوفيات ابان الحرب العالمية الثانية، حتي سقطت في النهاية وظلت خاضعة للسيطرة السوفيتية حتى استقلت عام 1990. لتصبح جزءا من جزءًا من الاتحاد الأوروبي
حققت لاتفيا خطوات اقتصادية كبيرة، ولكن علي الرغم من أن نصيب الفرد بها من إجمالي الناتج المحلي يقدر بـ 14000 دولار (9.8 ألف جنيه إسترليني)، إلا إنها مازالت متخلفة كثيراً عن الدول الاسكندنافية التي كانت تفوقها سابقا.
كوبا
لقد أدت عقود من الحكم الشيوعي والعقوبات الأمريكية المعطلة إلى إفقار كوبا التي كانت واحدة من أعلى البلدان من حيث إجمالي الناتج المحلي الإجمالي للفرد في الأميركتين، وثاني أعلى نسبة نصيب الفرد من ملكية السيارات والهواتف، ناهيك عن ازدهار صناعات السكر والسياحة.
ولكن الأوضاع لم تكن كلها وردية. فتفاوت الثروات الشديد وفقر العدالة الاجتماعية في الخمسينيات، بالإضافة لخضوع كوبا للحكم العسكري القمعي، جعلها تعاني من الجريمة المنظمة والمخدرات والبغاء.
إلي أن قامت الثورة وكعادة الثروات، عانت كوبا في اعقابها من انخفاض طويل الأجل في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي حتي وصل لأدني مستوياته بمطلع التسعينيات عندما تلاشت الإعانات السوفيتية.
وحتى الآن، يعتبر نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي والذي يبلغ 7815 دولارًا (5.5 ألف جنيهًا إسترلينيًا) متدنيا مقارنة بالخمسينيات، علي الرغم من تحسن العدالة الاجتماعية، وتقدم أنظمة الرعاية الصحية والتعليم بها والتي أصحبت تحظي حاليا بتقدير كبير علي مستوي ارجاء العالمـ إلا أن الحكومة الكاريبية مازالت تناضل لتوفير السكن الملائم ووسائل النقل وغيرها من الضروريات لمواطنيها.
العراق
كاد أن يتحول العراق خلال الستينيات والسبعينيات لدولة شرق أوسطية متطورة للغاية. وذلك بفضل احتياطياتها الهائلة من النفط والغاز، وخاصة بعد طفرة أسعار النفط التي أعقبت حظر أوبك وأزمة النفط خلال حرب اكتوبر 1973.
تمتع العراق بأعلى مستويات المعيشة في المنطقة. وارتفع نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي منذ الخمسينيات، وتضاعف لأكثر من الضعف خلال سبعينيات القرن الماضي، كما إنه حظي ببنية تحتية وخدمات اجتماعية ورعاية صحية متطورة.
بحلول نهاية القرن الماضي، انخفض نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي إلى 938 دولارًا أي ما يعادل 659 جنيهًا إسترلينيًا بفعل الفساد الداخلي وتراجع أسعار النفط وتفاقم الوضع المالي المتردي للعراق في اعقاب حرب صدام مع إيران والتي استمرت لثماني سنوات.
وأضاف غزو صدام حسين للكويت عام 1990 وحرب الخليج التي تلتها لإلحاق المزيد من الضرر بالاقتصاد الذي عاني من العقوبات الدولية على مدار العقد.
وأخيرا، تعرض الاقتصاد العراق لضربة قاضية جديدة إبان حرب العراق (2003 – 2011). وعلي رغم تعافى الاقتصاد بشكل كبير، وبلوغ إجمالي الناتج المحلي للفرد لما يقرب من 5000 دولار (3.5 ألف جنيه إسترليني)، إلا أن الوضع الأمني الهزيل يبطئ هذا التعافي.
زيمبابوي
منذ عام 2000، تبدل حال زيمبابوي من سلة الخبز المزدهرة بإفريقيا إلى سلة العثرات الاقتصادية والمالية وأصبحت تعاني من التضخم المفرط والركود العميق.
كل ذلك يعاكس تماما وضع زيمبابوي الاقتصادي خلال الثمانينيات من القرن الماضي، فلقد كانت تتمتع باقتصاد قوي فتيّ بفضل مواردها الطبيعية الوفيرة وقطاعها الزراعي المربح، إلا أن بدأ تدهورها المالي منذ التسعينيات.
في عام 2000 ، شرعت حكومة الرئيس موغابي في سياسة تأميم المزارع ذات الإنتاجية العالية في البلاد، السياسة كارثية، التي أدت لانخفاض الإنتاجية نتيجة افتقار المزارعون الجدد للمهارات والخبرات الزراعي، الأمر الذي ألحق الضرر اللا متناهي باقتصادها.
ولقد زاد الفساد المستشري وحرب الاستنزاف المالي في الكونغو الطين بله وفاقم من الأزمة الاقتصادية. واستشره التضخم منذ عام 2003 وبلغ معدل البطالة 95 ٪.
وعلى الرغم من الإطاحة بالرئيس روبرت موغابي ومحاولات الرئيس الجديد إيمرسون مانانجاجوا لمغازلة وجذب الاستثمارات الصينية الكبيرة والتي قد تؤدي إلى بدء تعافي الاقتصاد، إلا أن التوقعات الاقتصادية لزمبابوي سلبية ومن المرجح أن تظل الحياة صعبة بالنسبة لمعظم الزيمبابويين لبعض الوقت.
ناورو
في سبعينيات القرن المنصرف قريبا هذا، كانت ناورو الجزيرة الصغيرة الواقعة علي المحيط الهادي شديدة الثراء وكأن السماء تمطر عليها بالنقود. لدرجة إنها كانت تفتخر بكونها الأعلي علي مستوي العالم من حيث نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي للفرد يقترب من 20000 ألف دولار أو ما يعادل 14000 جنيه استرليني. وذلك بفضل رواسبها الوفيرة بالفوسفات والذي يعد العنصر الرئيسي في صناعة الأسمدة الاستراتيجية.
إلا أن اسراف حكومة الجزيرة وسكانها الذي يبلغ عددهم 7000 نسمة خلال السبعينيات من جهة، ونفاد احتياطيات الفوسفات من جهة أخري، جعل ناورو تغرق في الديون، وتتبع سياسة تقشفية شديدة. حتي انهارت الاتصالات والأنظمة المصرفية في مطلع العقد الأول من القرن العشرين ، وتم دعم ناورو المفلسة بالمساعدات الدولية.
وانخفض نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي لما يقرب من 8000 دولار (5.7 ألف جنيه إسترليني)، وانتشر الفقر وأصبحت الجزيزة تواجه مستقبلاً قاتمًا للغاية.
وخاصة إن مصدر كسبها الوحيد يعتمد علي مركز احتجاز المهاجرين الاسترالي المقام علي ترابها والتي تلوح الحكومة الأسترالية بغلقه من حين لأخر.
فنزويلا
لقد شهدت السنوات الأخيرة، انتقال فنزويلا من واحدة من أكثر اقتصادات أمريكا اللاتينية رخاءا ورفاهية لأكثرها معاناة.
ففي العام الماضي، انكمش الاقتصاد الفنزويلي بنسبة 35 ٪ عن ما كان عليه عام 2013 وتقلص معه نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي بنسبة 40 ٪. ومن المتوقع أن يستمر الانكماش والتقلص أكثر علي مدار السنوات القريبة القادمة، بسبب فقد الثقة بخطط الحكومة حول إعادة تمويل وهيكلة ديون البلاد الخارجية المرتفعة، الأمر الذي يعمق الكارثة الاقتصادية في البلاد.
فلقد دُمر الاقتصاد الفنزويلي بسبب الانخفاض الحاد الذي شهده سعر النفط عام 2014، أكثر من معاناة الاقتصاد الأمريكي بعد الكساد الكبير وتقلص الاقتصاد الروسي بعد سقوط الشيوعية. وذلك بسبب فشل الحكومة الاشتراكية في تنويع موارد اقتصادها خلال الأوقات الجيدة ووضعا للبيض كله في سلة واحدة، مما يعني اعتمادها المفرط على النفط.
ومن ناحية أخري، فلقد أدت القيود الصارمة التي فرضتها الحكومة على الأسعار ورفض قبول المساعدات الأجنبية إلى تفاقم الوضع وأدت إلى النقص المستمر في الغذاء والأدوية وغيرها من الضروريات، حتي عم الجوع وخرجت الجريمة عن نطاق السيطرة وتصاعدت التوترات الاجتماعية وعم فيها الفساد بعد الرخاء والترف.
المصدر : lovemoney
التعليقات مغلقة.