علي الرغم من تزايد المخاطر العالمية المختلفة المدفوعة بالتوترات الجيوسياسية والاقتصادية الراهنة بين القوى الكبرى في العالم والتي جذبت أنظار العالم أجمع بإعتبارها المخاطر العالمية الأكثر إلحاحًا .
الا أن هناك المزيد من المخاطر التي تناظرها بل وأحيانا تفوقها أهمية. وكأن العالم يمضي مكفوف الأعين العالم نحو أزمة عالمية جديدة!
العالم يتجه لأزمة عالمية جديدة
او بالاحرى العالم يتجه لأزمة عالمية من نوع جديدفوفقا لتقرير المخاطر العالمية للمنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2019 .
حيث اظهر الاستطلاع إن 9 أشخاص من أصل 10 ممن استجابوا لاستطلاعهم السنوي العالمي لفهم المخاطر، يتوقعون زيادة خطر المواجهات الاقتصادية والسياسية بين القوى الكبرى هذا العام .
كما توقع نسبة مماثلة المزيد من فض الاتفاقيات والمعاهدات التجارية المتعددة الأطراف.
تزايد التوترات بين عولمة الاقتصاد العالمي و القومية المتنامية للسياسة العالمية
لقد تبدل وجه العالم الراهن ومال للقومية والتباعد بعد أن غيّرت اساطير العولمة الاقتصاد السياسية العالمية بشكل عميق.
وهذا ما حدث بالفعل خلال عام 2018، حيث تدهورت العلاقات التجارية والاستثمارية بين العديد من قوى العالم، ولا سيما الولايات المتحدة والصين.
كل هذا قد يؤدي لتعميق تصدعات النظام الدولي وزيادة نقاط الضعف الأساسية مما يجعل العالم غير قادر علي مواجهة أزمة عالمية أخري وتوفير المستويات اللازمة من التعاون والدعم العالميين وخاصة أن مرونة الأقتصاد العالمي ما زالت في مرحلة التعافي من الأزمة السابقة.
البيئة
هيمنت المخاطر البيئية هذا العام على توقعات الاستطلاع السنوي العالمي لفهم المخاطر للعشر سنوات الأخيرة.
حيث احتلت المخاطر البيئية المكانة الثالثة بين أكتر خمسة مخاطر احتمالية والمكانة الرابعة من حيث التأثير.
ولقد كان الطقس القاسي هو صاحب الخطر الأكبر هذا العام.
بينما إزدادت مخاوف المستجيبين حول فشل السياسة البيئية وقفز توقع “فشل التخفيف من تغير المناخي والتكيف معه” هذا العام إلي المركز الثاني من حيث التأثير، بعد تراجعه سابقا علي أثر إبرام اتفاق باريس 2015 والتي تدور حول منع الوصول لمستويات الاحتباس الحراري الضارة.
في ظل عالم تغير القوي وتباين القيم، أصبح من الأصعب تحقيق تقدم في مواجهة التحديات العالمية المشتركة. والذي لن يتم إلا بأمرين:
- التوفيق بين أولويات العمل .
- التنسيق والتعاون المستدامين .
ولكن مع هيمنة المخاطر البيئية الموضحة ومع تزايد احتمالات تقلبات المناخ أنه أصبح الأمر الثاني صعباً وحتي إن افترضنا جدلا أن الأمر الأول ممكنا.
فعلي الرغم من الإجماع الواسع على مدى العقود الذي بلغ ذورته إبان توقيع اتفاقية باريس عام 2015، إلا أن التنفيذ الكامل للالتزامات الحالية لم يحدث حتي الآن.
التقنية
دعنا نتخيل إذا كان العالم ما زال حتي الآن يكافح من أجل الإجماع وتوفيق أوضاعه لمواجهة المخاطر البيئية الجلية، فكم سيكون الأمر بالغ صعوبة بالنسبة للمخاطر الحديثة والمتطورة المرتبطة بالتكنولجيا والتي تتطور بوتيرة قد تهدد بتجاوز القدرات الاستيعابية للأفراد والمجتمعات ذاتها.
فلقد برزت المخاطر التقنية بطريقة ملحوظة خلال المسح السنوي المشار إليه، حيث توقع عدد كبير من المستجيبين للاستقصاء أن تكون ضمن المخاطر العالمية الأكثر خطورة الامورو التالية .
- هجمات الإنترنت .
- سرقة البيانات .
- المخاطر المتزايدة التي تتعلق بالأخبار المزيفة .
- سرقة الهوية وفقدان الخصوصية
وعلى الرغم من هذا الخطر المتزايد، إلا أن وتيرة تغيير التكنولوجيا الحالية تُعني أن حجم الخطر المحتمل الحقيقي يعد منطقة عمياء بالنسبة للعالم. وخاصة مع تقدم تقنيات الثورة الصناعية الرابعة والتي تقودنا إلي مناطق ثورية جديدة، ومخاطر جديدة من نوعها وذات تداعيات غامضة على مستقبل البشرية.
ويتضح هذا وضوح النهار، عند النظر فيما يتعلق بالتقنيات الحيوية الناشئة والتي تحاول تبديد الخطوط الفاصلة بين التكنولوجيا و الإنسانية.
وليس الأمر ببعيد، فقد تم استخدام أدوات تحرير الجينات لإنشاء أطفال معدلين وراثياً العام الماضي. الأمر الذي يتطلب رسم محاور مشتركة جماعية في هذه المجالات الرفيعة بين دول العالم أجمع دون رسم مسار خاص لكل دولة علي حدي.
وأخيرا… الأمل والنجاة
من هذا المشهد العالمي المحفوف بالمخاطر يكمن في الترابط العميق بين أنظمتنا الدولية علي كافة الاصعدة الاقتصادية والسياسية والتكنولوجية والبيئية.
فالحنين إلى الأزمنة الأبسط وعدم الرغبة في التعقيد حل مغري ولكنه غير كافي، فالفترات التاريخية التي تتسم بالبساطة ليست خالية تماما من المخاطر العالمية كما تبدو.
ولكن المهمة الآن تتمحور في محاولة فهم التغييرات العالمية التي تحدث والتوصل إلي أفضل طريقة الاستجابة بشكل جماعي للتحديات الراهنة.
المصدر :
التعليقات مغلقة.