تعتبر الاقتصادات الأفريقية سريعة النمو نتيجة للازدهار في أسعار السلع الأساسية، والتغيرات الديمقراطية ، وتطوير اقتصادات التصنيع والخدمات، وأيضا حماس القارة للتكنولوجيا ، حيث ويؤدي كل ذلك إلى وجود العديد من البلدان الأفريقية بين أسرع الاقتصادات نموا في العالم.
ومع ذلك ففي حين لوحظ نمو قوي وتحسن في الظروف المعيشية لملايين الأفارقة قبل وأثناء وبعد الأزمة المالية العالمية فتدهورت الظروف بين عامي 2014 و 2016 وفي أوائل عام 2017 مع ضعف النمو العالمي وتراجع السلع التي أدت الأسعار إلى تآكل النمو الاقتصادي في العديد من البلدان، مما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة وترجمت الاقتصادات البطيئة ذلك إلى أسعار صرف ضعيفة أدت بدورها إلى ارتفاع الأسعار للمستهلكين وبالتالي تضخم، ونحن بحاجة إلى مقياس مركب لقياس هذا التدهور في الاقتصاد
وأفضل مقياس لقياس هذا هو مؤشر البؤس (Misery Index)
ويحسب هذا المؤشر عن طريق معدل البطالة + تضخم أسعار المستهلكين + أسعار الفائدة في بلد ما، ثم نطرحها من الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد
حيث يود الناس أن يروا معدل بطالة وتضخم وأسعار الفائدة قليلة ، ويرغبون في زيادة نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي فيها
وعلى العموم شهدت أفريقيا تحسنا في الأوضاع الاقتصادية أي تدهور في مؤشر البؤس الاقتصادي خلال الفترة 2010-2014. باستثناء شمال أفريقيا المضطرب سياسياً
حيث شهدت جميع المناطق الأخرى تحسين الظروف الاقتصادية لشعبها، ومن بين البلدان ال 25 المشمولة في هذه الدراسة سجل 18 بلدا تحسنا بين عامي 2009 و 2014 – باستثناء 7 دول هم الرأس الأخضر وغينيا الاستوائية وغامبيا وليبيا وملاوي والمغرب ومصر
وفي الواقع شهدت منطقة شمال أفريقيا زيادة في مؤشرها الكلي للاضطرابات الاقتصادية خلال الفترة 2014-2017 ، فإن القراءة المتوقعة لعام 2017 ستكون أعلى من الفترة التي يواجهها سياسيا من 2011-2012
والبلد الأكبر مساهمة في هذا الاتجاه التصاعدي هو مصر – ثالث أكبر اقتصاد في القارة، حيث يبلغ عدد سكانها 95 مليون نسمة يتعاملون الان مع ارتفاع معدلات التضخم وأسعار الفائدة ، حيث خفف البنك المركزي المصري من ضوابط العملة في عام 2016 من أجل معالجة سعر صرف مبالغ فيه أدى إلى تقويض القدرة التنافسية للاقتصاد واستنزاف الاحتياطيات الدولية لسنوات.
ومع ذلك فإن مصر هي التي تقود التوقعات الإيجابية للظروف الاقتصادية في شمال أفريقيا خلال الفترة 2018-2020. وفي حين أن قراءات مؤشر البؤس الاقتصادي المحسوبة للجزائر والمغرب لن تتغير إلا قليلا، فمن المتوقع أن تشهد مصر تراجعا في التضخم وارتفاعا في نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للفرد الواحد، ومن المتوقع أن يقوم بعض المحللين بالإصلاحات التي نفذت العام الماضي في محاولة لتأمين 12 مليار دولار من التمويل من صندوق النقد الدولي للإشارة إلى بداية الانتعاش الاقتصادي للبلاد، فقد ظل الاقتصاد المصري يكافح منذ الربيع العربي
أما بالنسبة لغرب أفريقيا فارتفع مؤشر البؤس الاقتصادي في نيجيريا بشكل ملحوظ خلال عام 2016 حيث أن مؤشر البؤس الاقتصادي الكلي لغرب أفريقيا هو أساسا القراءة المحسوبة لنيجيريا التي يوجد فيها أكبر عدد من سكان أفريقيا ،حيث سجلت البلاد ركودا اقتصاديا، وارتفع معدل التضخم إلى أعلى مستوى له منذ 11 عاما في يناير عام 2017 ، وأدى ذلك إلى تصدير غرب إفريقيا إلى أعلى مؤشر إضطراب اقتصادي إقليمي خلال عام 2017 ، غير أن التوقعات بالنسبة لغرب أفريقيا حتى عام 2020 هي أكثر إيجابية، ويتوقع البنك الدولي أن يرتفع النفط الخام من متوسط سعر 48.75 دولار للبرميل خلال الفترة 2015-2016 إلى متوسط قدره 62.60 دولار للبرميل في عام 2020، ومن المتوقع أن ينخفض مؤشر البؤس الاقتصادي في نيجيريا بشكل حاد في السنوات المقبلة خصوصاً في حال ارتفع سعر النفط حيث تعتبر نيجيريا أكبر دولة نفطية فى القارة
وسجل جنوب القارة الغنية بالمعادن ارتفاعاً في مؤشر البؤس الاقتصادي خلال الفترة 2013-2016 حيث سجلت ثمانية بلدان من أصل 10 بلدان مدرجة في هذه الدراسة ارتفاعا صافيا في مؤشراتها الفردية باستثناء بوتسوانا وموريشيوس وفي حين أن جنوب أفريقيا وهي أكبر اقتصاد في المنطقة، كانت مؤثرة في هذا بسبب تدهور البيئة الاقتصادية الكلية عموما
التوقعات المستقبلية للفترة 2017-2020 أكثر إيجابية مع انخفاض متوقع في مؤشر البؤس الاقتصادي الكلي للجنوب الأفريقي خلال هذه الفترة. وفي حين يتوقع أن تشهد بوتسوانا وموريشيوس وزمبابوي زيادة صافية في قراءات مؤشراتها الفردية بحلول عام 2020، ينظر إلى بقية بلدان المنطقة على أنها تستفيد من تحسين الأحوال الجوية التي تقلل من تضخم الأغذية وتدعم النمو الاقتصادي ومن المتوقع حدوث تحسن كبير في أنغولا من حيث التضخم فضلا عن موزامبيق وزامبيا من حيث الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للفرد الواحد.
التعليقات مغلقة.