الليرة التركية تتراجع لمستويات قياسية على الرغم من التحول في السياسة النقدية
الليرة التركية تتراجع لمستويات قياسية مقابل الدولار خلال تداولات الشهر الجاري، حيث وصلت العملة التركية إلى أدنى مستوى لها على الاطلاق مقابل الدولار. على الرغم من التحسن الواضح في البيانات الاقتصادية التركية، مع التحول الكبير في السياسة النقدية في البلاد، الا ان هذا التحسن لم ينعكس على سعر الليرة التي تراجعت إلى مستوى 29 ليرة لكل دولار. علق مسئولي السياسة النقدية والمالية في البلاد على تراجع قيمة الليرة، ان سعر العملة التركية مرن يخضع للعرض والطلب، وأن البنك المركزي التركي لا يتدخل في سعر الليرة. كانت أبزر تعليقات وزير المالية والخزانة الليرة التركية تتراجع لمستويات قياسية ان البنك المركزي لا يتدخل في تحديد سعر الليرة والا لما شهد الاحتياطي النقدي للبنك المركزي هذه الزيادة الكبيرة.
نستعرض في هذا التقرير، أبرز البيانات الاقتصادية في تركيا خلال الشهر الجاري، كذلك احدث التوقعات للمسؤولين الاتراك بخصوص الشأن المالي في البلاد، اخيرًا توقعات المؤسسات المالية العالمية لسعر الليرة والتضخم في البلاد.
الليرة التركية تتراجع لمستويات قياسية
أبرز البيانات الصادرة في تركيا خلال ديسمبر 2023
خلال الشهر الجاري، شهد القطاع المصرفي في تركيا زيادة ملحوظة في حجم الودائع، حيث ارتفعت بمقدار 1.19 مليار ليرة تركية، لتصل إلى مجموع قدره 6 تريليون و14 مليار ليرة في نهاية الأسبوع الأول من ديسمبر. كما شهدت هذه الفترة ارتفاعاً في نسبة الفائدة على الودائع، لتبلغ 49.3%.
في بيانات أخرى، كشفت بيانات صادرة عن مكتب الإحصاء عن انخفاض معدل البطالة في أكتوبر الماضي إلى 8.5%، وهو أدنى مستوى منذ نوفمبر 2012، مما يعكس تحسن الأوضاع الاقتصادية في تركيا مع تغييرات في السياسة الاقتصادية.
كانت البيانات الصادرة في بداية الشهر قد كشفت عن تباطؤ التضخم في نوفمبر، بعدما وصل التضخم السنوي لأسعار المستهلك في تركيا إلى 61.98%، مدفوعًا بزيادة أسعار المواد الغذائية والنقل، وهو ما يقل قليلاً عن التوقعات. بينما كانت ابرز التقارير تتمثل اعلان البنك المركزي التركي عن زيادة في إجمالي احتياطاته من النقد الأجنبي، حيث بلغت في بداية ديسمبر الجاري حوالي 141.374 مليار دولار، مرتفعة من 127.139 مليار دولار في يناير الماضي، بينما إلا أنه كان هناك انخفاض قدره 52 مليون دولار في احتياطي الذهب خلال نفس الفترة.
تصريحات محافظ البنك المركزي التركي
خلال الشهر الجاري، ظهرت محافظ البنك المركزي التركي، حفيظة غاية أركان والتي أصدرت عدد من التصريحات في عدة مناسبات مختلفة كان أبرزها عندما أفادت محافظ البنك المركزي التركي، حفيظة غاية أركان، بأن البنك يخطط لزيادة الإنتاج في القطاعات الداعمة لرصيد الحساب الجاري، من خلال تيسير الحصول على القروض المسبقة لهذه القطاعات، مما يؤثر إيجابياً على سعر صرف الليرة ويساهم في تقليل معدلات التضخم. وأعلنت عن زيادة في حد إعادة الخصم، الذي تم رفعه سابقاً إلى 10 مليار ليرة في يوليو. أضافت أركان أن البنك قام بزيادة قيمة القروض بدون فوائد للمصدرين بمعدل عشرة أضعاف، ضمن خطط لمزيد من الزيادات في المستقبل.
تحدثت أيضًا عن قرب انتهاء إجراءات التشديد النقدي، متوقعة أن ينخفض التضخم إلى الأحاد بحلول 2026. شددت على أهمية متابعة التطورات القادمة، بما في ذلك الزيادات المرتقبة في الأجور بيناير. تضمنت تصريحاتها أيضاً توقعات بزيادة تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى تركيا، مشجعةً المستثمرين الأجانب، خاصةً من الولايات المتحدة، للاستثمار في السندات الحكومية المقومة بالليرة.
أعلنت أركان أن البنك يستهدف خفض التضخم إلى 14% بحلول 2025، وأكدت عدم تدخل البنك في سعر صرف الليرة. توقعت أيضاً تباطؤ زيادة أسعار الخدمات مثل النقل والغذاء بنهاية 2024، إلى جانب تباطؤ في مصروفات الإيجارات والتعليم. وكشفت إركان عن توقعات بتسجيل التضخم تراجع إلى خانة الآحاد بحلول عام 2026، كما أوضحت على أن التأثير الخاص بالسياسة الحالية والتي تتميز بالتقييد سوف تنعكس على أسعار المستهلكين بمرور الوقت.
تطرقت أركان إلى مشكلة ارتفاع أسعار الإيجارات، مؤكدة أن تركيا تحتاج إلى وقت لحل هذه المشكلة، وأرجعتها إلى نقص الإسكان الاجتماعي، حيث إن معظم الوحدات السكنية للإيجار في البلاد تتبع القطاع الخاص.
أردوغان يشيد بالسياسة النقدية في تركيا
من جانبه عبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن تفاؤله بالوضع الاقتصادي في تركيا، على الرغم الليرة التركية تتراجع لمستويات قياسية، مشيراً إلى أن الانخفاض في معدلات البطالة وتراجع التضخم يدلان على أن البلاد تسير في الاتجاه الصحيح. أكد أردوغان على بدء تحسن الأوضاع الاقتصادية، متوقعاً مزيداً من التحسن في الشهر القادم.
من جهته، أوضح نائب الرئيس التركي جودت يلماز أن الاستراتيجية الاقتصادية للبلاد ترتكز على زيادة معدلات الادخار المحلي وتقليص عجز الحساب الجاري، مع التركيز على دعم القطاعات الإنتاجية. أشار نائب الرئيس التركي كذلك إلى أنه من المتوقع أن ينخفض التضخم إلى معدلات أحادية بحلول عام 2026.
في السياق نفسه، رصد المستثمرون تصريحات وزير المالية والخزانة التركي، محمد شيمشك، الذي أشاد بالأداء الاقتصادي القوي لتركيا. ذكر شيمشك أن الحساب الجاري للبلاد سجل فائضاً خلال شهر أكتوبر، مع تقلص العجز السنوي بمقدار 9.6 مليار دولار، مقارنةً بالأرقام التي سجلت قبل تولي الفريق الاقتصادي الجديد مهامه. كما أعلن أن احتياطيات تركيا من العملات الأجنبية قد بلغت مستوى قياسياً، وصل إلى 140 مليار دولار.
الليرة التركية تتراجع لمستويات قياسية
توقعات الليرة ومعدلات الفائدة في تركيا
في إطار التوقعات المستقبلية يُظهر تقرير صادر عن بنك باركليز توقعات بانخفاض قيمة الليرة التركية مقابل الدولار الأمريكي في العام 2024. هذا التوقع يستند إلى الزيادة المحتملة في أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي التركي والأوضاع الاقتصادية العالمية المتغيرة. يتنبأ البنك بارتفاع سعر الصرف من 29 ليرة لكل دولار بنهاية 2023 إلى 39 ليرة في سبتمبر 2024. ويتوافق هذا مع توقعات أخرى تشير إلى تراجع ملحوظ في قيمة الليرة على المدى القصير. تفصيلياً، يرى محللو باركليز أن الليرة قد تنخفض إلى 33.20 مقابل الدولار في الربع الأول من العام، ومن ثم إلى 37 ليرة بنهاية الربع الثاني، وصولاً إلى 41 ليرة في الربع الثالث، وأخيراً تستقر عند حوالي 43.80 ليرة لكل دولار بنهاية العام.
من ناحية أخرى، أصدر بنك مورجان ستانلي توقعاته بأن البنك المركزي التركي سيزيد أسعار الفائدة بنحو 250 نقطة أساس في اجتماعه المقبل، مستهدفاً الوصول إلى معدل فائدة نهائي يبلغ 45% بعد زيادة أخرى متوقعة في يناير. هذه التوقعات تأتي في ضوء التوجيهات الحالية للبنك وتوقعات التضخم. ينتظر المستثمرون أيضاً تلميحات حول مستقبل أسعار الفائدة في بيان البنك اللاحق لقرار الفائدة.
في نفس الإطار يعتقد محللو مورجان ستانلي أن دورة التشديد النقدي الحالية قد تنتهي في يناير القادم، لكن لا يُستبعد حدوث المزيد من الزيادات في أسعار الفائدة استجابةً لتوجهات التضخم. أما بالنسبة للتضخم، فقد توقع البنك أن يبلغ ذروته عند 71.6% في مايو القادم، ثم ينخفض إلى 42.3% بنهاية العام، مع الإشارة إلى احتمالية أن يتباطأ انخفاض التضخم عن المتوقع.
بشكل عام تظهر أرقام الاقتصاد التركي تحسن كبير على مدار الأشهر الماضي، على الرغم من تراجع الليرة التي تدفع ثمن السياسة النقدية التي سبقت الانتخابات الرئاسية الماضية.
التعليقات مغلقة.