توقعات مسار الفائدة الأمريكية 2024
تبلورت توقعات مسار الفائدة الأمريكية 2024 خلال الأسابيع الأخيرة، مع توالي البيانات الأمريكية وبعد قرار البنك الإحتياطي الفيدرالي بتثبيت سعر الفائدة خلال اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة الأخير خلال 2023. نستعرض في هذا التقرير التفصيلي توقعات مسار الفائدة الأمريكية 2024.
سجل الدولار الأميركي خلال الأسبوع الثاني من ديسمبر 2023 أكبر خسارة له مقابل العملات الرئيسية منذ ما يقارب من أربع أسابيع بعد قرار البنك الاحتياطي الفيدرالي ابقاء سعر الفائدة عند اعلى مستوى لها في 22 عام خلال الاجتماع الاخير للبنك الاحتياطي الفيدرالي خلال 2023. وسع مؤشر الدولار من خسائره حيث سجل تراجع بنسبة 1 في المئة بعد قرار الفيدرالي.
تزامن تراجع الدولار مع ارتفاع أسعار الأسهم الأميركية ارتفاعات قوية خلال الأسبوع الثالث من شهر ديسمبر الجاري. حيث تتوسع التوقعات بعدم دخول اقتصاد الولايات المتحدة في حالة من الركود، بعد سلسلة من البيانات التي يمكن وصفها بالقوية. لكن بشكل إجمالي ليس من المتوقع استمرار ضعف العملة الأمريكية بشكل كبير خاصة وان البيانات الاقتصادية الأميركية تعتبر أفضل من نظيرتها الأوروبية. في هذا الشأن نلاحظ انه بعد أن أشارت البيانات إلى تراجع وتيرة النمو في سوق العمل، جاء تقرير الوظائف الذي نشر يوم الجمعة مفاجئاً بشكل إيجابي. شهد القطاع غير الزراعي زيادة بلغت 199 ألف وظيفة في الشهر الماضي، وتراجع معدل البطالة إلى 3.7%، وتخطى الأجور مستوى التوقعات في النمو الشهري. وفي الوقت نفسه، أظهر تقرير آخر أن معنويات المستهلكين الأمريكيين ارتفعت بشدة في بداية ديسمبر – متفوقة على جميع التنبؤات – بعد أن خفضت الأسر توقعاتها لمعدل التضخم العام المقبل بأكبر نسبة منذ 22 عاماً.
الاحتياطي الفيدرالي يثبت أسعار الفائدة
كان البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قد قرر الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير للمرة الثالثة على التوالي، حيث استمرت عند مستوياتها بين 5.25% و5.5%. وفي إعلانها الرسمي، أكدت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة على استمرار مراقبتها لتأثير سياسة التشديد النقدي التي بدأت في منتصف عام 2022.
تم اتخاذ هذا القرار بالإجماع في نهاية اجتماع اللجنة، الذي يأتي كآخر اجتماعاتها لعام 2023. يأتي هذا القرار تأكيداً على استمرار السياسة النقدية الحالية، مع ترقب تأثير الزيادات السابقة على الاقتصاد. وفي إطار التوقعات، يتوقع الاحتياطي الفيدرالي خفضًا محتملاً في معدلات الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس في عام 2024، ليصل إلى 4.6%، مشيراً إلى استمرار السياسة النقدية المتحفظة.
من الجدير بالذكر أن هذا القرار يأتي في سياق تباطؤ نمو النشاط الاقتصادي وتراجع التضخم خلال العام الماضي، رغم استمرار الوظائف بالبقاء قوية ومعدلات البطالة منخفضة. بالإضافة إلى ذلك، يُظهر تقرير التضخم لشهر نوفمبر تسارعًا طفيفًا في أسعار المستهلكين، ولكنه يظل مرتفعًا، مما يعزز قرار الاحتياطي الفيدرالي في استمرار الحفاظ على السياسة النقدية الحالية.
توقعات مسار الفائدة الأمريكية 2024
على مدار الأشهر الماضية عارض صناع السياسات النقدية لدى البنك الاحتياطي الفيدرالي اي حديث بشأن تحفير السياسة النقدية، خاصة وأن التضخم كان لا يزال عنيداً في ذلك الوقت. بينما شهدنا في الوقت الحالي تحول في التصريحات حيث اصبح هناك اعتراف ضمني هنا بأن الفيدرالي قد انهى دورة التشديد النقدي، وهو ما يكفي لإثارة الضغوط على الدولار في الوقت الحالي، خاصة مقابل الين، وذلك بعد التحول المنتظر من بنك اليابان.
في هذا الشأن، اصدر بنك جولدمان ساكس توقعات مسار الفائدة الأمريكية 2024 حيث يتوقع محللي البنك البدء في خفض الفائدة خلال 2024. حيث تضمن تقرير البنك بدء خفض الفائدة في شهر مارس المقبل، من المتوقع أن يتم خفض أسعار الفائدة ثلاث مرات متتالية بمقدار 25 نقطة أساس في المرة الواحدة، على أن يتم خفض الفائدة خلال أشهر مارس، ومايو، ويونيو. في نفس الوقت، تضمنت توقعات البنك انتهاء التيسير النقدي الذي يمكن أن يسجله البنك الفيدرالي عند وصول معدلات الفائدة إلى ما مستويات تتراوح ما بين 3.25% إلى 3.5% مقارنة بالمستوى الحالي عند 5.25% إلى 5.5%.
اخيرًا توقع محللي جولدمان ساكس وصول مؤشر أسعار إنفاق المستهلك في الولايات المتحدة (المؤشر المفضل للبنك الاحتياطي الفيدرالي لقياس التضخم) إلى نسبة 2.1% بحلول نهاية العام القادم.
بينما تشير بعض التوقعات الاخرى، إلى التمسك باسعار فائدة مرتفعة على مدى زمني أطول الأمر الذي دفع عائدات السندات الأمريكية. وهو ما يمكن تفسيره في الوقت الحالي، تسيطر على محللي الأسواق المالية وجهه نظر مفادها أن قوة الاقتصاد التي تكشف عنها الارقام الاقتصادية الحالية قد تصل بالسوق إلى ما يعرف بالهبوط السلس، وهو ما قد يدفع الفيدرالي للحفاظ على إلى الإبقاء على أسعار الفائدة أعلى لفترة أطول.
تراجع الدولار مقابل العملات الرئيسية
قفزت العملات الرئيسية مقابل العملة الأمريكية حيث تسعر الأسواق في الوقت الحالي توقعات مسار الفائدة الأمريكية 2024 خاصة بعد تباين السياسة النقدية المستقبلية للفيدرالي الأمريكي مقابل البنوك المركزية الاخرى، فبينما يتحول الفيدرالي إلى التحفيز قد تواصل البنوك المركزية الاخرى التشديد النقدي. في هذا الشان يقدر بعض المحللين أن الأسواق في حاجة إلى الوقت لبيان المزيد من اجراءات بنك إنجلترا، والبنك المركزي الأوروبي، حيث قد لا يهبط الدولار بشكل كبير إذا تبعت تلك البنوك الاحتياطي الفيدرالي في التحول للتيسير.
في نفس الوقت، سجلت عوائد سندات الخزانة تراجع، مع زيادة الرهان على تحول السياسة النقدية من التشديد الحالي في السياسة النقدية إلى التحفيز النقدي خلال 2024. بعد توالي الاشارات من قبل أعضاء البنك الاحتياطي الفيدرالي لتسريع وتيرة أكبر خفض أسعار الفائدة في الوقت الحالي مقارنة بتوقعاتهم السابقة والتي صدرت خلال شهر سبتمبر الماضي.
على صعيد التداولات، هبط مؤشر الدولار-الذي يقيس حركة الدولار مقارنة بست عملات رئيسية- خلال تداولات الأسبوعية بنسبة 1.32% ليسجل 102.6088نقطة. حيث ارتفع الدولار الأسترالي مقابل الدولار الأمريكي بنسبة 1.90% ليغلق التداولات الأسبوعية عند مستويات 0.67028، كما ارتفع الدولار النيوزيلندي مقابل الدولار الأمريكي بنسبة 1.49% ليغلق الزوج عند مستويات 0.62121،
ارتفع اليورو مقابل الدولار الأمريكي بنسبة1.21% ليغلق زوج اليورو دولار التداولات الأسبوعية عند مستويات 1.08941، صعد الجنيه الاسترليني مقابل الدولار الأمريكي خلال تداولات الأسبوع بنسبة 1.00% ليسجل مستويات 1.26738، تراجع الدولار مقابل الفرنك السويسري بنسبة 1.03% ليغلق الزوج تداولات يوم الجمعة عند مستويات 0.87071، كما تراجع الدولار الأمريكي مقابل الدولار الكندي على مدار الأسبوع بنسبة 1.54% ليسجل مستويات 1.33779.
اخيرًا هبط الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني بنسبة 1.89% ليسجل 142.2455.
الملخص
يسير الدولار على المسار الصحيح نحو أسوأ أداء له منذ بداية الوباء، حيث تتوقع وول ستريت أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض أسعار الفائدة بعد إدارة التضخم بشكل فعال. وانخفض مؤشر بلومبرج الفوري للدولار، الذي عانى بسبب التقلبات الناجمة عن الدعوات المبكرة لإنهاء رفع أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي، بنحو 3٪ منذ يناير. ويمثل هذا أكبر انخفاض سنوي للعملة الأمريكية منذ عام 2020.
وحدث معظم هذا الانخفاض في الربع الرابع، مدفوعا بتزايد التوقعات بتخفيف نقدي كبير من قبل مجلس الاحتياطي الاتحادي العام المقبل، وسط تباطؤ الاقتصاد الأمريكي. وقد أدى هذا التوقع إلى تقليص جاذبية الدولار، خاصة وأن البنوك المركزية الأخرى قد تحافظ على أسعار فائدة أعلى لفترة أطول.
ويأخذ متداولو المقايضة في الحسبان الآن خفضًا لا يقل عن 150 نقطة أساس في أسعار فائدة الاحتياطي الفيدرالي، ومن المتوقع أن يتم التخفيض الأول في مارس المقبل. ويعد هذا تحولًا كبيرًا عن توقعات منتصف نوفمبر/تشرين الثاني بخفض أسعار الفائدة إلى أقل من 100 نقطة أساس، وهو ضعف ما اقترحه صناع السياسة في بنك الاحتياطي الفيدرالي في اجتماعهم الأخير. وبعد اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر/كانون الأول، كانت هناك زيادة ملحوظة في رهانات المضاربين مقابل الدولار.
التعليقات مغلقة.