المقاطعة بسبب الحرب في غزة ما تأثيرها ومدى نجاحها
المقاطعة بسبب الحرب في غزة توسعت دعوات المقاطعة بسبب الحرب في غزة لبعض الشركات الغربية والتي كشفت عن دعم إسرائيل في حربها ضد فلسطين، حيث تهدف تلك الحملات ممارسة الضغط الاقتصادي على الشركات أو الكيانات الداعم لإسرائيل ، وتضامنًا مع الفلسطينيين.
طالت الحملة سلاسل الوجبات السريعة الغربية، مثل ماكدونالدز وكنتاكي وستاربكس، بالإضافة إلى بعض العلامات التجارية للمنظفات ومستحضرات التجميل ، وحققت الحملة نجاحا أكبر في مصر والأردن، حيث شهدت العديد من فروع هذه الشركات انخفاضا حادا في عدد العملاء
ستاربكس وماكدونالدز والمقاطعة
تعرضت شركة “ستاربكس” لخسائر فادحة تقدر بحوالي 11 مليار دولار، في ظل تصاعد حملات المقاطعة نتيجة للحرب التي شنتها إسرائيل على غزة، حيث أسهمت حملات المقاطعة والإضرابات العمالية المطالبة بتحسين ظروف العمل والأجور، إلى جانب ضعف الإقبال على العروض الترويجية، في خفض قيمتها السوقية بنحو 10.98 مليار دولار ، كما سجلت الشركة أطول فترة من الخسائر في سوق الأسهم الشركة منذ طرحها الأول في البورصة عام 1992.
- أسهم “ستاربكس” انخفضت بنسبة 8.96% منذ 16 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
في ظل حملات المقاطعة التي شهدتها عدة دول عربية، ردت شركة “ستاربكس” في المنطقة بإصدار بيان نفت فيه الشائعات حول دعمها للجيش الإسرائيلي أو الحكومة الإسرائيلية. وأكد البيان أن هذه المزاعم “لا أساس لها من الصحة وهي مجرد إشاعات ضارة”. وأوضح البيان أن “ستاربكس” لم تخصص أي جزء من أرباحها للحكومة أو الجيش الإسرائيلي، مشددًا على أن هذه الأنباء ليست سوى شائعات كاذبة. كما ذكرت الشركة أنها تعمل في منطقة الشرق الأوسط منذ عام 1999 من خلال شراكة حصرية مع “مجموعة الشايع” الكويتية. وفي تأكيدها على طبيعتها كشركة عالمية، أشارت “ستاربكس” إلى أنها، رغم كونها أمريكية الأصل، تفخر بوجودها في 86 دولة حول العالم، بما في ذلك حوالي 1900 مقهى في 11 دولة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث توظف أكثر من 19000 موظف.
ارسال ماكدونالدز وجبات مجانية للجنود الإسرائيليين
في السياق نفسه واجهت شركة ماكدونالدز دعوات مقاطعة في الدول العربيةوتنتشر دعوات المقاطعة، في العادة بعد الاحداث السياسة الكبيرة للتعبير عن مواقف سياسية أو اجتماعية. كانت الدعوة لمقاطعة مطعم الوجبات السريعة بعد أن وزع فرعها الإسرائيلي وجبات مجانية على الجنود الإسرائيليين خلال حرب غزة في أكتوبر. في نفس الوقت أثارت هذه الشركة الجدل في إسرائيل بسبب دعمها المزعوم للفلسطينيين والتي أعلنت عنه الشركة بعد دعوى المقاطعة في الدول العربية والاسلامية. وذكرت الشركة الأم، وسط تصاعد المقاطعة، في نوفمبر/تشرين الثاني، أنها لا تدعم أي طرف في الصراعات وتعارض العنف.
تهدف عمليات المقاطعة، مثل تلك إلى الاحتجاج على الممارسات غير العادلة والدفع من أجل التغيير. تشمل العوامل التي تؤثر على فعالية المقاطعة استجابة الشركة وسمعة العلامة التجارية والممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة. تؤثر الحملات على سمعة العلامة التجارية للشركة، والمبيعات على المدى القصير، وعوائد الأسهم.
- أفادت التقارير أن مبيعات ماكدونالدز في مصر انخفضت بنسبة 70% بين أكتوبر ونوفمبر.
على الجانب الاخر، تستجيب العلامات التجارية للمقاطعة باستراتيجيات مختلفة، بما في ذلك
- البيانات العامة
- تغييرات السياسة
- تدريب الموظفين
- الإجراءات القانونية.
المقاطعة في مصر … سبيرو سباتس مثال
لم تقتصر دعوات المقاطعة على ستاربكس ومالكدونالدز فقط، حيث عانت شركات الميا الغازية من تلك المطالبات، على سبيل المثال في مصر تحول الطلب المحلي في مصر إلى شركة المياه الغازية المحلية المعروفة بأسم (سبيرو سباتس) كمنتج محلي تم تأسيسها في بداية القرن الماضي، وهي مملوكة للمصريين في الوقت الحالي، كبديل عن بيبسي كولا وكوكا كولا، بسبب دعمها لإسرائيل.
ولا تعد هذه الحركة استجابة للوضع السياسي فحسب حيث أدت المقاطعة المستمرة للمنتجات الغربية الداعمة لإسرائيل إلى تحول كبير نحو المنتجات المصرية . وهو ما يوسع من الفوائد الاقتصادية لاختيار المنتجات المحلية على البدائل الغربية. وبناء عليه ازدهار الصناعات الوطنية المصرية وتعززت ثقة المستهلك في المنتجات المحلية، وعامل إضافي لتوفير احتياطيات النقد الأجنبي. على سبيل المثال، وظفت شركة سبيرو سباتس، التي توظف حوالي 60 ألف شخص، ومضاعفة إنتاجها ثلاث مرات لتلبية الطلب الهائل.
على الرغم من عدم قدرة تلك الدعوات على انعاش الاقتصاد بشكل عام في مصر الا ان لها فوائد يمكن تلخيصها في تلك النقاط:
- التركيز على الإنتاج المحلي وتعزيز الاستثمارات المحلية
- زيادة الناتج المحلي الإجمالي.
- توسيع المصانع الوطنية أو إنشاء مصانع جديدة لتحل محل المنتجات المقاطعة.
- خلق فرص عمل كبيرة ومعالجة قضايا البطالة.
- جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، بسبب شعبية بعض الصناعات مما يعزز الاقتصاد بشكل أكبر.
- تحفز نمو شركات التغذية وأنشطة الدعم في محيط هذه المصانع.
يذكر أن انتسار دعوات المقاطعة قد وصلت إلى الاطفال في سن ما دون العاشرة، حيث يلاحظ انتشار بعض التطبيقات المتخصصة للكشف عن مصدر البضائع المباعة وما اذا كانت تابعة إلى أي من الشركات الداعمة إلى الاحتلال الإسرائيلي من عدمه.
المقاطعة في تركيا تصل لنطاق غير مسبوق
لم تقتصر حملات المقاطعة على الدول العربية فقط، فقد امتدد للدول الاسلامية. ففي تركيا توسعت حملة المقاطعة ضد ماكدونالدز وغيرها من الشركات الداعمة لإسرائيل إلى نطاق غير مسبوق، تغذيها الغضب الشعبي بسبب إرسال ماكدونالدز وجبات مجانية للجنود الإسرائيليين، كما وقعت بعض الحوادث في متاجر ستاربكس. علمًا انه من الملاحظ أن الدعوة كانت محط اهتمام المسلمين المحافظين في المقام الأول، مع اهتمام أقل من المعارضة والقطاعات العلمانية.
شهدت الحملة مشاركة واسعة النطاق من البلديات والجامعات والمؤسسات الحكومية والجمعيات الخيرية والمواطنين في جميع أنحاء تركيا، مما يجعلها واحدة من أكبر هذه الحركات في البلاد. حيث لعب حزب العدالة والتنمية، بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، دورًا مهمًا في نشر الحملة. انضم العديد من رؤساء البلديات والمؤسسات الحكومية المستقلة مثل البرلمان التركي والخطوط الجوية التركية، رافضين بيع المنتجات المرتبطة بإسرائيل. المشاركة المجتمعية.
- شاركت الاتحادات الطلابية والجمعيات الخيرية والمؤسسات الدينية بنشاط في المقاطعة.
- تم توزيع المعلومات حول المنتجات المقاطعة على نطاق واسع من خلال ووسائل التواصل الاجتماعي.
- أيدت رئاسة الشؤون الدينية التركية المقاطعة في خطب المساجد.
تضامن عربي وأسلامي
علمًا أن دعوات المقاطعة منتشرة في مختلف بقاع العالم العربي والاسلامي، حيث تجد صدى مميز في قطر، والأردن، وباكستان، وماليزيا، والمغرب، الا اننا قد قصرنا الأمثلة على دولة عربية وأخرى في المحيط الاسلامي. على الرغم من استمرار تلك الحملات بشكل كبير في أغلب دول العالم العربي والاسلامي، لكن من الصعب قياس الأرقام الدقيقة لحملة المقاطعة، لكن التقارير تشير إلى أنها تسببت في خسائر كبيرة للشركات المستهدفة. كما انه في إطار أكبر من الممكن أن نتوقع تأثير أكبر على المستوى الاقليمي والعالمي، وان كانت بعض التوقعات بحاجة إلى أرقام أولية لتأكيد الترجيحات.
في النهاية سوف تبقى عملية السابع من أكتوبر كحدث تاريخي مفصلي على الصعيد السياسي، والعسكرين في منطقة الشرق الأوسط. كما انه من المتوقع أن تمثل نقطة تحول بعيدًا عن النتائج الوقتية للحرب، فالسرد العام للجانب الفلسطيني أصبح هو السائد وبالتالي يمكن توقع تأثيرات اقتصادية أكبر على المستوى الاقليمي والعالمي.
التعليقات مغلقة.