سيليكون فالي بنك هو بنك أمريكي كان تخصصه في تمويل شركات التكنولوجيا، تأسس عام 1983 تمتع البنك بمستوى مذهل من القوة المالية؛ خلال الأعوام القلية الماضية حيث بلغ إجمالي ودائعه حوالي 175 مليار دولار في حين بلغ إجمالي أصوله 209 مليار دولار في نهاية عام 2022. شهد البنك طفرة اقتصادية بسبب سياسات التحفيز السخية للاحتياطي الفيدرالي أثناء الانكماش الاقتصادي في فتر ما بعد الجائحة، مما أدى إلى ارتفاع ودائعه إلى أربعة أضعاف قيمتها الأولية. المستوى في أربع سنوات فقط؛ بالإضافة إلى ذلك، نما حجم قروض من 23 مليار دولار إلى 66 مليار دولار.
ومع ذلك، كان ازدهار بنك وادي السيليكون سريع الزوال ، حيث استثمر البنك ما يصل إلى 128 مليار دولار في سندات الخزانة الأمريكية بالإضافة إلى الرهون العقارية ذات معدل العائد الثابت عند مستويات 1.5% الناتج عن الاستثمارات الموثوقة. الا أن التحول حدث عندما بدء الاحتياطي الفيدرالي عملية التشديد النقدي. عبر ثمانية اجتماعات كاملة رفع الفيدرالي أسعار الفائدة والتي قاربت على الوصول إلى مستويات 5٪. حاول البنك سد الفجوة بين الدخل الثابت والبالغ 1.5% من السندات والمبلغ الذي ينبغي على البنك دفعه على أسعر الفائدة على ودائع العملاء لديهم. بمعنى اخر يتحصل البنك على عوائد تقدر بنحو 1.5% بينما عليه أن يدفع فائدة على الودائع تقترب من 5%.
في الوقت نفسه، كان قطاع التكنولوجيا، من أكبر القطاعات التي تأثرت خلال العام الماضي حيث قادت التراجعات في وول ستريت ونتيجة لذلك، فشل البنك في تلبية حصته من القروض وتأثر دخله بشكل كبير. تضافرت كل هذه العوامل المعقدة لتتسبب في انهيار بنك وادي السيليكون، مما أدى إلى سقوط بنك كان يُنظر إليها على أنها رائدة في عالم المال.
سيلكون فالي بنك تعيد مخاوف 2008
مع بداية الأسبوع الجديد، استكملت الأسواق نفس الاتجاه الذي انتهت اليه الأسبوع الماضي، حيث ارتفعت السندات الحكومية والمعادن الثمينة. بينما تراجعت أسواق الأسهم. اعادت أزمة أحد البنوك الأمريكية خلال الأسبوع الماضي مخاوف انهيارات البنوك خلال عام 2008 التي كانت شرارة الأولى للأزمة المالية العالمية. تتوسع المخاوف حاليًا من حجم الديون التي يحوزها القطاع المصرفي الأميركي، وسط توالي حدوث الأزمات في بعض البنوك الأخرى. خلال تداولات الأسبوع الماضي سجلت السندات الحكومية ارتفاع بينما تراجع العائدات الخاصة بهذه السندات والتي تسير في اتجاه معاكس، كما ارتفعت أسعار الذهب واختتمت أسواق الأسهم العالمية باللون الأحمر،
- سجل مؤشر “ستوكس يوروب 600” أكبر نسبة هبوط في ثلاث أشهر بضغط من أسهم البنوك.
- تراجعت وول ستريت ايضًا مع انتباه المستثمرين للمخاطر التي قد تتعرض لها المؤسسات المالية في ظل الزيادات الحادة في أسعار الفائدة الأمريكية.
أزمة بنك سيلكون فالي وأسعار الفائدة
اضطرابات الأسواق تسببت بها بوادر أزمة “بنك سيلكون فالي” (Silicon Valley Bank) وهو بنك صغير نسبياً يتركز معظم عمله على شركات التكنولوجيا. سجل البنك خسائر وصفها البعض بالكبيرة في محفظته التي شملت سندات خزانة أميركية، كذلك أوراق مالية مدعومة بالرهن العقاري.
تراجعت عائدات السندات في الولايات المتحدة الأميركية والقارة الأوروبية لتصل إلى أدنى مستوياتها في عدة أسابيع تحت ضغوط من المتداولين على أن أي أزمة تمس قطاع البنوك قد يقلل من قدرة البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على الاستمرار في تشيديد السياسة النقدية، ومواصلة رفع أسعار الفائدة. في هذا الصدد، رجح الكثير من المحللين تراجع إمكانية رفع الفائدة الأمريكية بشكل أكبر، مع تراجع الرهانات على نطاق زيادات الفائدة الإضافية التي قد يقرها الاحتياطي الفيدرالي، مما أدى إلى تآكل قيمة سندات الخزانة. وتراجعت احتمالات زيادة الفائدة ربع نقطة هذا الشهر إلى 25% مقارنة بـ50% في وقت سابق. وتتوقع أسواق المال الآن زيادة الفائدة بإجمالي 91 نقطة أساس بحلول يوليو، مقارنة بـ112 نقطة أساس يوم الأربعاء. كذلك الأمر في القارة الأوروبية بعدما تراجعات التوقعات بخصوص سعر الفائدة النهائي التي من المقرر أن يقرها البنك المركزي الأوروبي لتصل إلى أقل من 4% للمرة الأولى خلال الشهر الجاري.
- انخفاض عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بما يصل إلى 11 نقطة أساس، لتصل إلى أدنى مستوى في ثلاثة أسابيع عند 3.80%.
- تراجعت السندات الحكومية الألمانية لأجل 10 سنوات بما يصل إلى 17 نقطة أساس،
تعويض المودعين واستعادة الثقة في القطاع المصرفي
في غضون ذلك، عملت إدارة بايدن والاحتياطي الفيدرالي والمؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع على اتخاذ إجراءات سريعة لحماية المودعين والحفاظ على الثقة في النظام المصرفي. وذلك بعدما عين مجلس الاحتياطي الفيدرالي نائب الرئيس للإشراف مايكل بار للإشراف على مراجعة “الإشراف والتنظيم لبنك سيليكون فالي”. كشفت التفاصيل عن اتجاه المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع (FDIC) بتعويض الودائع في سيليكون فاليبنك بدون حد أقصى. في خطوة تهدف إلى استعادة الثقة في النظام المصرفي وطمأنة المودعين بأن أموالهم آمنة.
اما بالنسبة للمتضررين فقد رفع أحد المساهمين في بنك وادي السيليكون دعوى قضائية ضد البنك المنهار. كذلك ضمت الدعوى الرئيس التنفيذي جريج بيكر والمدير المالي دانيال بيك. وفقًا لوثائق المحكمة، جادل المدعي بأن المديرين التنفيذيين فشلوا في الكشف عن كيفية تأثير ارتفاع أسعار الفائدة على أعمال البنك، متهمًا إياه بتقديم بيانات كاذبة ومضللة في محاولة لتضخيم أسعار أسهم البنك بشكل مصطنع. تم رفع الدعوى كشكوى جماعية لانتهاك قوانين الأوراق المالية الفيدرالية، مما يعني أن المساهمين الذين حصلوا على الأسهم في أي وقت ما بين 16 يونيو 2021، وهو تاريخ أول إشارة لرئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول بشأن رفع أسعار الفائدة، وتاريخ 10 مارس 2023 وهو تاريخ انهيار البنك مما يجهل إمكانية انضمام أعضاء اخرين للدعوى.
التعليقات مغلقة.