تتوفر أرخص قروض في العالم في تركيا خاصة مع تواصل خفض الفائدة في البلاد. حيث تعرض البنوك في تركيا قروض للمستثمرين بأقل فائدة في العالم، لكن يلاحظ عدم توافر هذه القروض الا لبعض النخب المختارة فيمكن اأن يطلق عليها قروض انتقائية. مع توجه الجهات التنظيمية البنوك التجارية في البلاد على منح الأولوية في القروض لشركات التصدير والشركات ذات الحجم الصغير التي تضم انشطة تقارب ثلاثة أرباع سوق العمل. في الوقت الحالي تعمل السياسة النقدية في البلاد على محاولة تجنب أزمة في العملة بالتزامن مع محاولة تسجيل نمو اقتصادي بشكل قوي قبل الانتخابات العامة المرتقبة والمقرر إجراؤها في منتصف 2023، يسعى فيها الرئيس رجب طيب أردوغان لتمديد رئاسته للبلاد.
حسب بيانات البنك المركزي التركي سجلت حجم القروض الجديدة التي حصلت عليها الشركات صغيرة حجم ارتفاع بنحو عشرة أضعاف على أساس سنوي منذ يناير وحتى اكتوبر من العام الجاري، مقارنة بزيادة سبعة أضعاف للشركات الكبيرة.
خفض أسعار الفائدة
تقف القواعد والمعايير التي يفرضها البنك المركزي التركي عائق امام بعض الشركات التي تعتبرها الحكومة التركية غير جديرين بالائتمان، وعلى رأسها الشركات المملوكة لبعض الأثرياء الذين ليدهم ارصدة ضخمة من العملات الأجنبية. حيث تحرم من الحصول على قروض رخيصة، على الرغم من مواصلة البنك المركزي التركي خفض أسعار الفائدة والتي كان اخرها قرار يوم الخميس الماضي والذي خفض سعر الفائدة في البلاد إلى 9%. الامر الذي يمكن أن يؤدي إلى إضعاف النمو المتوقع أن يصل إلى 5% خلال 2022.
في هذا الصدد علق احد مديري المبيعات في شركة لتصنيع الأثاث مقرها العاصمة، إن
“تنجح فئة صغيرة تضم المصدرين ذوي احتياجات الاستيراد الضعيفة فقط في الحصول على قروض الحكومية”.
كما اضاف ان شركته تهدف فقط على استمراريتها وليس تحقيق النمو الذي يتطلب الحصول على قروض ذات التكلفة الباهظة وذلك لاستيراد مواد خام غير متوفرة، وهي خطوة لها عواقب شديدة التكلفة خاصة مع تراجع الليرة إلى مستويات القياسية.
تعزيز الصادرات دون تأجيج التضخم
علق تقرير من بلومبرغ إيكونوميكس على هذه السياسة النقدية ان فرض قواعد الإقراض هذه الهدف منها تعزيز التصدير دون حدوث اي توسع في التضخم. لكن على الجانب الاخر يقف فرض حدود قصوى لمعدلات الإقراضعقبة أمام شهية البنوك للإقراض، فبسبب هذه التدابير يقف النظام المصرفي في حالة شلل، الامر الذي قد يؤدي إلى إضعاف النمو الاقتصادي مع ترجع حجم الإقراض. بالاضافة لتضارب السياسات النقدية واحدة مع الاخرى سيضيق من إمكانية نجاح هذه السياسات. خاصة وان وجود صندوق ضمان الائتمان المدعوم من وزارة الخزانة سيعمل على تحفيز الطلب ويوسع التضخم.
في الوقت الحالي يتوفر للبنوك اختيارين:
- تقديم قروض رخيصة للعملاء ذوي الأولوية الكبيرة،
- الإقراض بتكاليف أعلى للعملات للآخرين (ذو التصنيف الأقل).
وفي الفرضية الثانية تفرض عليهم المتطلبات شراء مبلغ كبير من الدين الحكومي لإيداعه في البنك المركزي، وهذا لا يترك حافزاً كبيراً لإقراض العملاء ذو التصنيف الأقل. أصبح لتحفيز السياسة النقدية القائم على خفض سعر الفائدةمع تكرار مطالب الرئيس التركي أردوغان على ضرورة خفض سعر الفائدة لخانة الآحاد. تأثير كبير على الاقتصاد. حيث ان الهدف الأساسي من سياسة الإقراض هذه تجنب الانخفاض الحاد في قيمة الليرة الذي تسبب فيه نمو القروض السريع المسجل خلال الفترات الماضية. على الرغم من ان أساليب الهندسة المالية التي يتبعها النظام التركي يسمح بنمو الائتمان دون الضغط على سعر الليرة، لكن البنوك التجارية تشعر بالضغط من إمكانية تحمل مبالغ كبيرة من الديون الحكومية طويلة الأجل ذات عائد منخفض. حيث تتسبب اللوائح التنظيمية التي تعيق كاهل البنوك في موجة غضب عارمة بين المصرفيين.
فالخلاصة هنا عدم تعرض الاقتصاد التركي لصعوبات شهدها ما بين عامي 2018 و2020، حيث أدى ارتفاع عدد القروض (ذو الفائدة المنخفضة) إلى زيادة حجم الواردات وارتفاع التضخم والضغط على قيمة العملة.
انتخابات 2023 المصيرية
في الوقت الحالي تعمل حكومة حزب العدالة والتنمية على الحفاظ على الاستقرار داخل الأسواق قبل الانتخابات المصيرية والخاصة بالرئاسية المقررة في منتصف 2023. خاصة مع زيادة حجم عدم الرضا من سياسة أردوغان الاقتصادية والتي تسببت في وصول التضخم لأعلى مستوياته منذ 25 عام، بالاضافة لتراجع صافي الاحتياطي من العملات الأجنبية. الا ان مصادر تشير ان البنك المركزي التركي نقل للمديرين التنفيذيين في البنوك التجارية
أنه لا ينبغي لهم توقع انعكاس في السياسات إلا بعد الانتخابات الرئاسية،
لماذا توفر تركيا أرخص قروض في العالم ؟
لعلاج كل تلك الإشكاليات ينصح بعض صُناع السياسة النقدية بالابقاء على نهج “الإقراض الانتقائي”، والتي تسمح بإقراض بعض الشركات التركية بأسعار فائدة منخفضة، حسب بيانات البنك المركزي التركي:
- سجلت قروض الشركات الصغيرة والمتوسطة نحو 35 مليار دولار خلال 2022، وهو ما يمثل نحو نصف إجمالي القروض التجارية، طبقاً لما ذكره
- تراجع متوسط تكلفة القروض التجارية من 30% في يوليو إلى نحو 16% في نوفمبر، بعد سلسلة من خفض أسعار الفائدة.
لكن على الجانب الاخر تسبب الإقراض الانتقائي دون تحول الائتمان لتسجيل نمو، بل تسبب انخفض نمو الائتمان من اعلى مستوياته التى سجلت هذا العام خلال شهر يونيو الماضي.
التعليقات مغلقة.