تسير سياسة أردوغان الاقتصادية على عكس ما تتبعه البنوك المركزية العالمية. حيث يقود الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (المسيطر) البنك المركزي التركي لخفض سعر الفائدة. حيث يهدف لخفض حجم الفوائد من على أفراد الشعب حتى يسهل عملية الاقراض. قام المركزي التركي بخفض متتالي لسعر الفائدة خلال العام الماضي، ليثبت سعر الفائدة طوال 2022 حتى شهر اغسطس حيث خفض سعر الفائدة بــ 100 نقطة أساس، بالاضافة لــ 100 نقطة أساس اخرى خلال الشهر الجاري، مما ساهم في توسع التضخم ودفع الليرة التركية لتسجيل تراجعات قياسية.
نستعرض في هذا التقرير سياسة أردوغان الاقتصادية ومدى جدواها
الهدف من خفض أسعار الفائدة ؟
تكررت تصريحات الرئيس التركي إن أسعار الفائدة تتسبب في تُباطؤ النمو الاقتصادي وتعمل على توسع التضخم. حيث ان ارتفاع أسعار الفائدة يجذب ما يعرف بالأموال الساخنة، والتي لا تساهم في اي استثمار حقيقي. كما علق أردوغان أن لتحريم الربا في الإسلام، حيث يرى البعض انها حجة سياسية تستهدف مشاعر بعض الناخبين قبيل الانتخابات القادمة خلال 2023
علاقة متاشبكة
السبب الرئيسي لخفض سعر الفائدة هي العلاقة المتاشبكة ما بين رفع سعر الفائدة وقدرة الشركات على الاقتراض. فعندما يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة، تتراجع قدرة البنوك على الاقراض للاحتفاظ باحتياطيات إلزامية، حيث تتيج الإقراض باستخدام أسعار فوائدها المرتفعة. وهو ما يحد من قدرة الشركات على الحصول على قروض الا بتطلفة اعلى. وهو ما سوف ينعكس على الاقتصاد.
أساس نظريه أردوغان الاقتصادية
للرئيس التركي خبرة في مجال إدارة الأعمال م خلال عمله في قطاع المواد الغذائية، قبل التحول المهني في حياته السياسية. تعتمد الشركات التركية بشكل متزايد على الاقتراض لتغطية نفقات التشغيل، مما يجعل زيادة تكاليف الاقتراض مصدراً للضغط على سير عمل تلك الشركات، حيث يمثل رفع أسعار الفائدة عبء إضافي. حيث تضطر الشركات إلى نقل التكاليف المتزايدة إلى عملائها مما يؤدي إلى زيادة أسعار المستهلك.
الجانب السلبي لخفض سعر الفائدة
تستند هذه نظرية إلى العلاقة بين التضخم وأسعار الفائدة الاسمية لكن الخبراء يروا ان هذه النطرية لا تنطبق على اقتصاد تركيا بسبب حجم تضخم مرتفع بشكل غير طبيعي بالاضافة لكونه اقتصاد يعتمد على التمويل الأجنبي. وبالتالي فأن خفض أسعار الفائدة يقلل من عائد الاستثمار في الأصول التركية، مما يضغط على قيمة العملة التركية. مما قد يتسبب في رفع تكلفة الواردات بالليرة وبالتالي زيادة التضخم. تراجعت الليرة التركية مقابل الدولار خلال شهر سبتمبر الجاري لأدنى مستوياته على الاطلاق.
الواقع العملي يبرز خطأ الرئيس التركي
دفع الرئيس التركي البنك المركزي لخفض سعر الفائدة بشكل متتالي، بالرغم من الاستقلال المفترض للبنك المركزي التركي الا ان الواقع يظهر سيطرة فعلية لرجب طيب أردوغان. حيث سار المركزي التركي في طريقة للتحفيز
- خفضت سعر الفائدة المعياري بنحو 7 نقاط مئوية، لتصل إلى 12% منذ عام بالتحديد.
- تهاوت الليرة بشكل تدريجي مع تدخل المركزي التركي بشكل غير مباشر للسيطرة على تراجع الليرة.
- أنفق البنك المركزي التركي” ما يقدر بـ75 مليار دولار لدعم العملة هذا العام.
- تسارع التضخم في البلاد ليسجل اعلى مستوياته في حوالي 24 عام.
- رفعت الحكومة الحد الأدنى للأجور خلال شهر ديسمبر 2021 ومرة اخرى خلال شهر يوليو الماضي.
- دفعت الزيادة في الأجور إلى زيادة أكبر للأسعار، وتوسع التضخم ليتجاوز نسبة الـ80% خلال أغسطس.
تمسك الرئيس التركي بموقفه وقال إن ما تحتاجه تركيا هو مزيد من الاستثمار والإنتاج والصادرات، وليس رفع أسعار الفائدة.
معاناة الأسواق المالية
بسبب تلك السياسة اختلف أسعار الفائدة على الديون في البنوك التجارية عن نظيرتها المعيارية، مع تراجع البنك التجارية عن الاقراض بفوائد أرخص. حتى فرضت السلطات النقدية قواعد لإجبار البنوك على تقريب أسعار فوائد قروضها من المستوى المعياري. اضطرت هذه البنوك أيضاً إلى زيادة حيازاتهم من الديون الحكومية ذات السعر الثابت المقومة بالليرة. نتيجة لذلك، انخفضت تكلفة ديون الليرة، فيما ارتفعت عوائد السندات الدولارية التركية دون الدرجة الاستثمارية.
الإيجابيات والسلبيات
انعكست سياسات أردوغات الاقتصادية على المواطنين الاتراك بشكل إيجابي وفي كثير من الاحيان بشكل سلبي حيث:
- خرج الكثير منهم من دائرة القدرة على تحمل تكلفة المنازل والسيارات والكثير من السلع.
- عاني أصحاب الدخل المنخفض من ارتفاع أسعار الغذاء.
- انتقل الضغط على اصحاب الطبقة الوسطى.
على الجانب الآخر
- تفوق نمو الاقتصاد التركي على أقرانه من اقتصادات الاسواق الناشئة
- تراجعت نسبة البطالة نسبياً مع وجود وفرة من العمالة الرخيصة.
- انتعاش سوق الأسهم، مع تراجع الليرة حيث مثل سوق الأسهم بديل افضل للادخار بالليرة.
أردوغان وانتخابات 2023
تمسك أردوغان بالإبقاء سياسته ذات أسعار فائدة منخفضة رغم الصعوبات الاقتصادية مع اقتراب موعد الانتخابات في 2023. وبالرغم من شعور الرئيس التركي بالقلق من تغيير اتجاهه، والمخاطرة بحدوث ارتفاعات في أسعار الفائدة، أعلن أردوغان عن:
- مشروع بقيمة 50 مليار دولار لزيادة ملكية المنازل
- وضع حداً أقصى للإيجارات،
- الغاء بعض قروض الطلاب،
- وعد برفع آخر كبير للحد الأدنى للأجور.
التعليقات مغلقة.