واصلت الليرة التركية السقوط الحر في طريقها للوصول إلى اقل مستوى سجلته خلال الانهيار في أواخر العام الماضي، خاصة مع تراجع حجم الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي التركي، حيث تشير التقارير ان البنك قد ضخ حوالي 30 مليار دولار في الأسواق منذ بداية العام الجاري (خسر المركزي التركي حوالي 4.8 مليار دولار من الاحتياطيات في أسبوع واحد فقط) للحفاظ على قيمة الليرة من التراجع. بالإضافة لاتباعه سياسة نقدية غير مألوفة تعمل على تثبيت سعر الفائدة في وقت تسعى اغلب البنوك العالمية لتشديد هذه السياسة النقدية عن طريق رفع سعر الفائدة.
تصدرت الليرة عملات الأسواق الناشئة المتراجعة عالمياً هذا العام، حيث تراجعت بنسبة 10 في المئة خلال الشهر الجاري، خاصة مع ارتفاع التضخم لمستويات 70 في المئة بسبب ارتفاع تكاليف واردات الطاقة بسبب الجرب الروسية في أوكرانيا. كل هذا بالإضافة لعلامات تباطؤ النمو في البلاد.
الليرة التركية تواصل السقوط وتسجل أدنى مستوياتها منذ انهيار 2021
تظهر التراجعات الحالية نتيجة اضطرابات الأسواق في تركيا بعد فترة من الاستقرار استمرت لعدة أشهر بدعم غير مباشر من المركزي التركي. الذي يواجه انعدام في الادوات المتاحة في الوقت الحالي. خاصة بعدما ثبت البنك المركزي بالإجماع أسعار الفائدة مرة أخرى يوم الخميس الماضي. وذلك على الرغم من ارتفاع التضخم الاعلى منذ عشرين عام. ولا يتوقع ان ترتفع الليرة تحت اي ظرف خاصة مع تواصل الضغوط المتمثلة في:
- تراجع وضع التمويل الخارجي.
- تصاعد التضخم مع ارتفاع تكاليف واردات الطاقة.
- توقعات المركزي التركي بتراجع طفيف للتضخم على المدى المتوسط.
- الخلاف السياسي مع الناتو في ضم حلفاء اخرين.
- عدم استقلالية البنك المركزي التركي بشكل كامل عن السلطة التنفيذية.
- تراجع احتياطيات تركيا من العملة الصعبة.
سعر الفائدة الحقيقي
بدأت التوترات في الظهور مع تحقق المواطنين الاتراك لفقدان قيمة مدخرتاهم عند احتساب سعر الفائدة الحقيقية. (تتمثل أسعار الفائدة الحقيقية في طرح نسبة الفائدة الأسمية في الوقت الحالي من نسبة التضخم المعلنة) بناء عليه فان سعر الفائدة الحقيقية في تركيا يبلغ (سالب 56 في المئة) وذلك بعد طرح نسبة الفائدة الأسمية والبالغة 14 في المئة من نسبة التضخم في البلاد والتي تبلغ 70 في المئة.
في غضون ذلك لجأ البنك المركزي التركي، لوسائل غير تقليدية للتدخل في سوق الصرف، على سبيل المثال التضييق على عمليات تبديل العملة بالنسبة للمستوردين. او طرح ما يعرف باسم حسابات الليرة المحمية (تقوم فيها الحكومة بتعويض المدخرين عن أي تراجع لليرة تتجاوز سعر الإيداع الذي تدفعه بنوكهم.) من تقلبات سعر الصرف.
وذلك مع استفاد حجم الاحتياطي النقدي الحقيقي في البلاد بعدما وصل صافي الأصول الأجنبية لتركيا إلى 63.3 مليار دولار سلبيًا، وفقًا لمجموعة جولدمان ساكس. فأن الادوات البعيدة عن رفع سعر الفائدة التي يصفها الرئيس التركي بأم كل الشرور تظل محدودة. يقول المحللين انه في ظل السياسة النقدية المرنة التي يتبعها المركزي التركي، فإن استقرار الليرة غير مضمون خاصة مع توقع البنك في وقت سابق هذا الشهر ان يصل سعر الدولار لحوالي 17.33 ليرة.
البحث عن ادوات غير تقليدية جديدة
بناء عليه على حكومة رجب طيب أردوغان البحث طرق أخرى لإعادة الثقة بين المدخرين والمستثمرين. بعيداً عن اساليب التهديد للمضاربين الذين يجدوا في تراجع سعر الليرة وسيلة ربح مضمونة. خلال نهاية العام الماضي، تدخل الرئيس التركي لإنقاذ انهيار الليرة عن طريق الاعلان عن أداة مالية جديدة لاحتواء أزمة العملة التركية، والتي جذبت مما يقارب من 849 مليار ليرة وهو ما يعادل (53 مليار دولار) منذ منتصف الشهر الجاري. تلك الاداة الجديدة التي قال عنها المحللين في بلومبرج انها وسيلة مقنعة لرفع سعر الفائدة.
في هذا الإطار، ذكرت وسائل الاعلامية تابعة لحكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم أن صانعي السياسة في البنك المركزي التركي يخططون للكشف عن أداة جديدة يوم تهدف لدعم المستثمرين المحليين من نسبة التضخم المرتفعة.
التعليقات مغلقة.