تراجع الين بينما واصل الدولار الأمريكي ارتفاعاته حيث مال المستثمرين للدولار الذي يعتبر ملاذا آمناً في الوقت الحالي. فما هي أسباب تراجع الين الياباني ؟ وسط تواصل الخسائر سجل الين الياباني أطول سلسة من التراجعات خلال نصف قرن وتحديداً منذ عام 1971 مقابل العملة الأمريكية. حيث اصبح شراء زوج الدولار ين هدف للمتداولين مع الاتجاه العام الصاعد بشكل قوي للزوج.
في هذا الإطار، كشفت التقارير عن تكتل مديرو الأصول لبيع الين مقابل الدولار خلال الأشهر الماضية. وسط توقعات برفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة لعدد من المرات المتتالية حتى نهاية العام. كما دفعت الحرب في أوكرانيا الدولار نحو مزيد من الصعود مقابل الين على الرغم من تصنيف عملة اليابان أيضًا كعملة ملاذ آمن. لكن رغم ذلك شهد أداء الين تراجعات قوية، لدرجة دفعت الكثير من المستثمرين للتشكيك في وضعه كملاذ آمن.
ما هي أسباب تراجع الين الياباني؟
اختلاف سياسات البنوك المركزية
ركز المستثمرين على فارق أسعار الفائدة التي سوف يقرها الاحتياطي الفيدرالي على العملة الأمريكية، مقابل الفائدة السلبية على الين الياباني، خلال اخر اجتماع للسياسة النقدية حافظ بنك اليابان على سعر الفائدة السلبي عند –0.10٪. في نفس الوقت يتوقع تقرير صادر عن سيتي جروب استمرار سعر الفائدة السالبة في اليابان حتى شهر ابريل من العام القادم.
تركزت تصريحات أعضاء الفيدرالي خلال الأشهر السابقة على ضرورة رفع سعر الفائدة بينما على العكس اكتفي وزير المالية الياباني شونيتشي سوزوكي الذي بتحذيرات من تراجع سعر الين دون اي اشارة للتدخل للسيطرة على هذا التراجع. وهو ما كرره محافظ بنك اليابان والذي حذر من هبوط الين في تصريحات اصر من خلالها على تواصل اتباع سياسة التحفيز وهي السياسة التى تتسبب في ضعف الين.
يذكر أن البلدان الأخرى حول العالم تتجه نحو تشديد السياسة النقدية للعودة إلى السياسات المالية السابقة لفترة اجتياج الوباء. وهو ما يؤدي إلى انخفاض سعر العملة اليابانية.
بنك اليابان ومراقبة سوق الصرف
يذكر ان بنك اليابان من أشهر المؤسسات المالية التى تتدخل بشكل مباشر في أسواق الصرف. وان كان اغلب تدخلات بنك اليابان كانت لإضعاف الين والذي كان يرتفع وسط الاقبال عليه كعملة ملاذ امن وهو ما كان يتسبب في الاضرار بصادرات الشركات اليابانية.
- آخر مرة تدخّلت فيها اليابان لبيع الدولار وشراء الين كانت في يونيو 1998 خلال ذروة أزمة العملة الآسيوية.
- لم تتدخل اليابان في الأسواق منذ نوفمبر 2011.
العائد على السندات
سبب اخر لضعف الين يتمثل في سياسة التحفيز التي يتبعها بنك اليابان الذي يواصل ضخ الأموال في الاقتصاد، عن طريق عروض الشراء لكميات غير محدودة من السندات. كما يعمل البنك على التحكم في منحنى العائد، مع تراجع عائد السندات الحكومية اليابانية القياسية لمدة 10 سنوات أقل من 0.25٪.
على الرغم من اقرار مسؤولو بنك اليابان بالتأثير على الاقتصاد الياباني من زيادة تكاليف الاستيراد بسبب ضعف الين ولكنهم يواصلون اتباع سياسة نقدية فائقة السهولة لدعم الاقتصاد المتعثر. دافع بنك اليابان عن جهوده المبذولة للإبقاء على عوائد السندات الحكومية لأجل 10 سنوات قرب مستوى الصفر، وقال البنك
إنه سيشتري قدراً غير محدود من الديون بأسعار فائدة ثابتة في كل يوم عمل، للمحافظة على هذا المستوى.
التضخم، البيانات الاقتصادية وأسعار النفط
يتسبب ارتفاع التضخم في المعتاد في الضغط على سعر العملة، خلال الفترة الحالية يشهد العالم بأكمله تقريباً من مستويات تضخم غير مسبوقة بسبب سياسات التحفيز الواسعة التى اتباعتها البنوك المركزية للتغلب على الاثار الاقتصادية لجائحة كورونا. قبل ان تزيد الحرب في أوكرانيا وما ترتب عليها من ارتفاع أسعار النفط ارقام التضخم حول العالم.
باعتبار اليابان من أكبرالدول المستوردة للنفط عالمياً، حيث تصل نسبة ما تستورده البلاد من الخام نحو 80 في المئة من إجمالي استهلاكها وهو ما يزيد الضغط على الين بسبب وصل النفط لمستويات لم يشهدها منذ سنوات. لذلك تشير التوقعات بارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي في اليابان بنحو 2٪ في أبريل. وعلى الرغم من ارتفاع التضخم في اليابان الان هذه النسبة بعيدة عن مستويات التضخم في الولايات المتحدة والتي تسجل اعلى مستوياتها في 40 عام عند مستويات 8.5% ونسبة نضخم عند و7.5% في منطقة اليورو.
لكن هناك ماقد يطيل من سياسة التحفيز الحالية والتى تساعد على تراجع الين تتلخص في الاتي:
- ان بنك اليابان يهدف في الاساس لرفع معدل التضخم خاصة مع تولي المحافظ الحالي قبل تسع سنوات.
- سبق وان أكد بنك اليابان بالحفاظ على معدل التضخم في حدود الــ 2 في المئة.
- السياسة النقدية التحفيزية والتي يتم بموجبها استبعاد رفع اسعار الفائدة على المدى القريب.
- سجلت البيانات الاقتصادية خلال الشهر الجاري ارقام أقل من التوقعات مع تباطؤ الاقتصاد.
- تأكيد كورودا أن التضخم المدفوع بارتفاعات التكاليف الحالية غير مستدام،
خاصةً في ظل نمو الأجور المتواضع، وركود سوق العمل أكثر مما كانت عليه قبل تفشي جائحة كورونا. وكل تلك عوامل لا تشجع كثيراً على اتخاذ أي إجراءات جذرية مثل رفع سعر الفائدة. كما شجعت تصريحات كورودا خلال مارس الماضي على اضعاف الين
أن ضعف الين كان أمراً إيجابياً بالنسبة للاقتصاد بشكل عام،
اليابان تسجل أطول فترة من العجز التجاري
سجلت اليابان ثمانية أشهر متتالية من العجز التجاري، اي ان الواردات الخارجية أعلى من الصادرات اليابانية. حيث تجاوزت نسبة الواردات توقعات المحللين لتسجل 31.2 في المئة على أساس سنوي. تسبب ارتفاع اسعار النفط ومنتجات الطاقة في احداث هذا الفارق مع الواردات.
- دعم التوسع القوي لشحنات صناعة الرقائق المكاسب المستمرة في الصادرات،
- تباطؤ نمو صادرات اليابان وصعود صاروخي للواردات بسبب تكاليف الوقود.
سيفاقم الانخفاض الحاد للين الياباني، تأثير ارتفاع أسعار الطاقة التي تغذي العجز التجاري لليابان في الأشهر المقبلة. من غير المرجح أن تكون المكاسب المستمرة في الصادرات كافية لتفوق الواردات ودعم الاقتصاد الهش الذي من المتوقع أن ينكمش قليلاً في الربع الأول.
يقول يوكي ماسوجيما، المحلل الاقتصادي في “بلومبرغ ايكونوميكس”:
“يُظهر تقرير التجارة لشهر مارس أن ضعف الين قد أصبح مشكلة حقيقية للاقتصاد … تظل البلاد مثقلة بعجز تجاري ضخم من شأنه أن يضغط على النمو في الربع الأول بأكثر من كافة التوقعات”.
في الاوقات العادية تسعى حكومات البلدان الصناعية صاحبة الصادرات المرتفعة لاضعاف عملتها المحلية، بهدف جعل صادرتها أكثر تنافسية مما يعزيز الأرباح الواردة من الخارج. ولكن من جهه اخرى، في الاوقات التي تسجل فيها هذه الدول عجز تجاري فتكون الواردات أكثر من الصادرات فتكون العملة الضعيفة عبء اضافي على النمو الاقتصادي.
ماهي الاسباب التي تعيق ارتفاع الصادرات؟
تتأثر صادرات اليابان بمخاطر الأسواق الرئيسية. حيث تسبب عودة المخاوف من انتشار الجائحة في شنغهاي الصينية وعودة الإغلاقات من تباطؤ الصادرات، حيث أعلنت الصين عن تسجيل أكبر انخفاض في الإنفاق الاستهلاكي وأعلى معدل بطالة منذ الأشهر الأولى للوباء. وفي الولايات المتحدة، قد تؤدي الزيادات الحادة في أسعار الفائدة لمكافحة التضخم إلى تهدئة الطلب.
- أظهرت بيانات شهر مارس ارتفاع قيمة صادرات اليابان للخارج 14.7% على أساس سنوي.
- صعدت الصادرات بنسبة 1.7% في مارس على أساس شهري، بعد انخفاضها في فبراير.
- تراجع نمو قيمة الشحنات المتوجهة إلى الصين بشكل حاد إلى 2.9% من 25.8% في فبراير.
- ارتفعت الصادرات إلى الولايات المتحدة بنسبة 23.8%، كما صعدت الصادرات إلى أوروبا بنسبة 16.8%.
التعليقات مغلقة.