ما الذي يحرك أسواق الفوركس هو أول سؤال يتبادر لذهن المتداول بعد التعرف على سوق الفوركس. حيث تُعد أسواق العملات الأجنبية واحدة من أكثر الأسواق تداولًا على مستوى العالم، حيث تتجاوز تعاملاتها اليومية حاجز خمسة تريليونات دولار منذ سبعينيات القرن الماضي. ورغم هذا الحجم الهائل، لا يزال كثير من المتداولين، خصوصًا الجدد، يتساءلون: ما الذي يحرك أسواق الفوركس بالفعل؟ وما هي العوامل التي تقود أسعار العملات صعودًا وهبوطًا على الرسم البياني؟
الإجابة على ما الذي يحرك أسواق الفوركس؟ بالتأكيد ليس عاملًا واحدًا، بل مزيج متداخل من القيم النسبية، والبيانات الاقتصادية، وسياسات البنوك المركزية، وقوى العرض والطلب، والزخم، والمشاعر الإنسانية التي تقود الأسواق في لحظات الخوف والطمع. وفي سياق 2025، أصبحت القدرة على قراءة هذا التشابك ضرورة أساسية للمتداول الذي يسعى لاقتناص الفرص وسط عالم متسارع لا يرحم الأخطاء.
في هذا التقرير، نستعرض ما الذي يحرك أسواق الفوركس؟، مع ربطها بالسياق الاقتصادي الحديث ودورها في تشكيل الاتجاهات السعرية.
أولًا: القيم النسبية – الفلسفة الأساسية وراء تحرك أسعار العملات
قبل ظهور الأسواق الإلكترونية، احتاج التجار إلى أساس بسيط لتقييم قيمة عملة مقابل أخرى. ولأن الذهب كان يُعد أصلًا عالميًا معترفًا به عبر الثقافات، فقد أصبح مقياسًا بدائيًا لتحديد أسعار الصرف.
على سبيل المثال:
- إذا كانت تكلفة كمية معينة من الذهب تعادل ضعف قيمتها في اقتصاد “ب” مقارنة بالاقتصاد “أ”، فإن سعر الصرف النظري يُفترض أن يكون 2:1 لصالح العملة الأقوى.
تطورت الأسواق كثيرًا منذ ذلك الزمن، لكن المفهوم نفسه ظل قائمًا تحت مسمى تعادل القوة الشرائية (Purchasing Power Parity – PPP)، وهو مبدأ اقتصادي يقيس القوة الحقيقية للعملة من خلال قدرتها على شراء السلع والخدمات.
هذا المبدأ ما زال يلعب دورًا جوهريًا في:
- تحديد العملة المقوّمة بأعلى من قيمتها.
- اكتشاف العملات المقومة بأقل من قيمتها.
- توقع الاتجاهات طويلة المدى في أسواق الفوركس.
وبينما لا تُحرّك تعادل القوة الشرائية أسعار اليوم إلى الغد، فإنها تمثل الأساس البعيد المدى الذي يبني عليه المستثمرون توقعاتهم.
ثانيًا: البيانات الاقتصادية وسياسات البنوك المركزية – المحرك الأكثر تأثيرًا في زمن الأخبار السريعة
مع تطور التكنولوجيا، أصبح المتداول يمتلك القدرة على متابعة البيانات الاقتصادية لحظة صدورها عبر التقويم الاقتصادي العالمي. وأصبحت الأسواق تترقب المؤشرات الاقتصادية ليس فقط لمعرفة الواقع، بل لمعرفة مدى اختلافه عن التوقعات.
لماذا تعتبر التوقعات أهم من البيانات نفسها؟
لأن الأسواق دائمًا “تسعّر المستقبل”. ما يهُم المتداولين ليس ما حدث، بل ما كانوا يتوقعون حدوثه. لذلك يُصبح تأثير البيانات الاقتصادية على أسعار العملات أكبر عندما:
- تأتي أعلى من التوقعات → فتُعتبر إيجابية للعملة.
- تأتي دون التوقعات → فتضغط على العملة هبوطًا.
أبرز البيانات المؤثرة في الفوركس:
- قرارات البنوك المركزية وسعر الفائدة
- هي على قمة هرم التأثير.
- أي تغيير في وتيرة التشديد أو التيسير النقدي يُحدث تقلبات عنيفة.
- مؤشر أسعار المستهلك (CPI) – التضخم
- القراءة الأعلى تعني رفعًا محتملاً للفائدة → دعم للعملة.
- الناتج المحلي الإجمالي (GDP)
يدل على صحة الاقتصاد واتجاهات النمو. - معدلات البطالة والوظائف
- بيانات سوق العمل الأمريكي مثل NFP تُحرّك السوق بقوة.
مثال توضيحي:
إذا كان السوق يتوقع أن يرفع الفيدرالي الأمريكي الفائدة مرتين إضافيتين، فإن الدولار سيكون قويًا.
لكن لو صدرت بيانات تبطئ التضخم أو تبطئ النمو، قد تتغير التوقعات فورًا، وبالتالي يتحرك الدولار بقوة حتى قبل صدور القرار رسميًا.
ثالثًا: قانون العرض والطلب – المحرك الفوري لحركة السعر
مثل أي سوق عالمي، تخضع أسعار العملات لقانون العرض والطلب.
ورغم أن العملات تُتداول بمئات المليارات يوميًا، إلا أن الاختلال بين كمية المشترين والبائعين يخلق حركة سعرية مستمرة لا تتوقف.
كيف يعمل ذلك؟
- زيادة الطلب على عملة معيّنة → ارتفاع السعر.
- زيادة المعروض منها → انخفاض السعر.
تخيل المتداولين يطاردون اليورو مثلًا عند مستويات منخفضة، بينما البائعون يتراجعون… يصبح السعر مضطرًا للصعود إلى مستوى جديد يُغري البائعين للدخول. أما إذا بدأ البائعون بالتدفق بكثافة أكبر من المشترين، فسينخفض السعر حتى يجد المشترون “سعرًا جذابًا” جديدًا. في عالم اليوم، يتم هذا التفاعل عبر خوارزميات عالية السرعة ملايين المرات يوميًا، لكن ما يزال أثره واضحًا على الرسوم البيانية.
رابعًا: الزخم – عندما يتحول الاتجاه إلى “قوة دفع” يصعب إيقافها
عندما يستمر اختلال العرض والطلب لفترة، يُولد ذلك اتجاهًا سعرًا واضحًا (Trend). ومع استمرار الاتجاه، يبدأ المتداولون وصناديق الاستثمار في الانضمام للاتجاه، مما يخلق ما يسمى بـ “تداول الزخم”.
لماذا يعتبر الزخم قوة محركة للسوق؟
- لأن دخول المزيد من المشاركين في الاتجاه نفسه يُعزز قوته.
- ولأن تطابق مؤشرات الاقتصاد مع حركة السعر يولّد ثقة لدى المتداولين باستمرار الاتجاه.
لكن يجب الانتباه إلى أن:
- كل اتجاه زخم يصبح خطيرًا حين يصبح مزدحمًا جدًا.
- وعند ظهور معلومة سلبية فجأة، يحدث انعكاس حاد يسبب تصفيات كبيرة.
خامسًا: الخوف والطمع – الاقتصاد السلوكي وتأثيره على أسواق العملات
مهما تطورت الأدوات، تظل المشاعر الإنسانية لاعبًا رئيسيًا في سوق الفوركس. فالأسواق كثيرًا ما تتحرك بسبب:
- الخوف من الخسارة (Fear)
- الخوف من فوات الفرصة (FOMO)
أشهر مثال: انهيار الليرة التركية عام 2018، حيث كانت الليرة تتراجع تدريجيًا طوال العام. ثم انفجرت موجة الهبوط عندما تجاهل البنك المركزي رفع أسعار الفائدة. فرضت الولايات المتحدة عقوبات. أدى هذا إلى ذعر جماعي، ودفع المتداولين لبيع الليرة بشكل مكثف، وكانت النتيجة: هبوط الليرة 26% في أسبوع واحد. هذه الحالة تُظهر كيف يمكن للعوامل النفسية أن تضخم تأثير العوامل الاقتصادية.
الخلاصة: ما الذي يحرك أسواق الفوركس ؟
سوق الفوركس يتحرك نتيجة مزيج مركب من:
- القوة الشرائية النسبية للعملات
- البيانات الاقتصادية وسياسات البنوك المركزية
- قوانين العرض والطلب
- الزخم الناتج عن الاتجاهات الممتدة
- الخوف والطمع كمحفزات نفسية عنيفة
فهم هذه العناصر بشكل متكامل هو ما يميز المتداول المحترف عن المتداول العشوائي. خاصة ومع تسارع الإصدارات الاقتصادية وتغيرات السياسة النقدية عالمياً، أصبح التحكم في المشاعر والقدرة على قراءة الاتجاهات أكثر أهمية من أي وقت مضى.
تم تحديث هذا المقال وتوسيعه بما يتوافق مع البيانات الحديثة وتحركات سوق العملات خلال عام 2025. يمكنك التداول عبر أفضل شركات الوساطة من خلال أفضل موقع للكاش باك فوركس في الشرق الأوسط، ولا تنسى أشهر 10 نصائح لمتداولي الفوركس.


