عند الاجابة على سؤال لماذا لا ينخفض الذهب. ينبغي العودة للوراء قليلاً حيث شهد سعر المعدن النفيس مستويات قياسية خلال عام الجائحة 2020 وما بعدها، لتسجل أونصة الذهب ألفي دولار. لكن سعر الذهب عالمياً ما لبث ان تراجع لتستقر عند مستويات 1700 دولار خلال عام 2021، فمثل لدي الكثير فرصة لإعادة الشراء من مستويات أفضل. حيث زاد الإقبال على الذهب بكافه صوره من سبائك او عملات ذهبية. ارجع المحللين جزء كبير من تلك الزيادة للبنوك المركزية حول العالم، والتي رفعت حيازتها من المعدن النفيس لمستويات قياسية.
عوامل حددت تحرك المعدن النفيس
قبل الغزو الروسي لأوكرانيا تراجع سعر الذهب حيث توقع اغلب المحللين ان يتوجه لمستويات 1600 دولار للأونصة. حيث تضافرت عوامل متعددة في الضغط على أسعار الذهب، ابرزها ارتفاع سعر صرف الدولار، مع تشديد السياسة النقدية حول العالم التي دفعت المستثمرين للدولار. غير أن تواصل الاقبال على شراء الذهب حال دون زيادة هبوطه.
ارتفع الطلب على الذهب خلال الجائحة بفضل سياسة التحفيز النقدي التي تم اتباعها في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، مما قلل الطلب على العملات ودفع المستثمرين وغيرهم للذهب كأداة للتحوط، ليسجل سعر الذهب مستويات قياسية، حيث تجاوزت سعر أونصة الذهب 2000 دولار. لكن مع استكشاف لقاحات المضادة لفيروس كورونا دفع بسعر الذهب للتراجع إلى مستويات 1750 دولارا للأونصة.
اقبال البنوك المركزية على الذهب
على الجانب الاخر، مثل تراجع سعر الذهب فرصة لمشترين اخرين لتعزيز حيازتهم من المعدن الأصفر. وذلك ووفقا للبيانات مجلس الذهب العالمي، حيث رفعت البنوك المركزية حجم احتياطي الذهب الخاص بها إلى 36 ألف طن. ومن الملاحظ ان زيادة احتياطي الذهب لم يقتصر على البلدان النامية، بل شمل بلدان من دول العالم الأول، تصدر تلك البنوك:
- بنك الاحتياطي الهندي والذي زاد من احتياطات الذهب بحوالي 41 طن خلال الربع الثالث من عام 2021.
- تلتها أوزبكستان التي رفعت حجم الاحتياطي الذهب الخاص بها بنحو 26 طنا.
- رفعت البرازيل احتياطاتها من الذهب بحوالي 9 أطنان.
- كما تابعت روسيا زيادة الاحتياطي الذهب الخاص بها بزيادة 6 أطنان.
- رفعت أيرلندا حيازتها من المعدن النفيس بطن ونصف في عملية شراء هي الأولى من نوعها منذ عام 2008.
- اشترى البنك المركزي السنغافوري لأول منذ عام 2000 حوالي 26 طنا من الذهب بين مايو ويونيو.
اظهرت البيانات ان الطلب على المجوهرات (تمثل المجوهرات ما بين 40 إلى 50 في المئة من الطلب على الذهب عالميا) ارتفع في الهند حيث تجاوز الطلب 400 طن في نهاية 2021 والصين التي تجاوز الطلب فيها 500 طن وهما من أكبر البلدان طلباً للمجوهرات حول العالم. وسط توقعات بعودة مؤشر الطلب العالمي للمجوهرات خلال نهاية 2022 لمستويات ما قبل انتشار الوباء.
هناك عوامل اخرى تدفع الطلب على الذهب للارتفاع ابرزها في الوقت الحالي ارقام التضخم والتي لم يشهدها العالم منذ عشرات السنوات خاصة بعد رفع القيود الاقتصادية وحالات الاغلاق التي تم تعميمها بعد انتشار الجائحة، حيث اظهرت البيانات ارتفاع المشتريات للعملات المعدنية والسبائك في أوروبا وخاصة ألمانيا التي سجل الطلب فيها زيادة بنسبة 35% مقارنة بالنصف الثاني من عام 2020.
لماذا لا ينخفض الذهب؟ نمو الطلب بسبب التضخم وسعر الفائدة الحقيقية
للإجابة على سؤال لماذا لا ينخفض الذهب؟ تتمثل في ان تراجع الذهب يمثل فرصة للشراء مرة اخرى، وبناء علية لا ينخفض الذهب. حيث يمثل ارتفاع الطلب عامل استقرار لأسعار الذهب، فحسب تحليللات دار سك العملة، سجل حجم الطلب على السبائك والعملات الذهبية عالمياً 262 طنا خلال الربع الثالث من 2021. اما بختام نفس الربع تم بيع حوالي 857 طنا من الذهب المادي الاستثماري، وهو أعلى رقم يسجل في حوالي ثمان سنوات.
كما ساهم معدلات الفائدة الحقيقية التي اذا تم حسابها بشكل صحيح ستظهر نتائج سلبية جاذبية المستثمرين للذهب، حيث اظهرت بيانات دار سك العملة، ان نمو الطلب على الذهب المادي حول العالم يرجع في جزء كبير منه لارتفاع معدل التضخم وانخفاض أسعار الذهب، خاصة في الفترة التي تلت رفع القيود المفروضة للحد من انتشار الجائحة.
اشار خبراء دار سك العملة أن المعدن النفيس في ظل الركود التضخمي المتوقع، يمثل عامل جذب للمستثمرين المؤسسين، خاصة مع تشديد السياسة النقدية للسيطرة على حجم التضخم المرتفع الذي يضغط بشكل سلبي على اغلب الأصول المالية التقليدية باستثناء الدولار. كما استبعد الخبراء أن يؤثر التشديد النقدي للسياسة النقدية لغلب البنوك المركزية حول العالم على سعر الذهب خلال العام الجاري.
على صعيد التوقعات بشأن سعر الذهب هناك انقسام بشأن إمكانية عودة الذهب للارتفاع من جديد لمستويات تتجاوز الـ 2000 دولار للأونصة خلال السنوات القليلة القادمة. بينما، تشير بعض التوقعات الثانية لاحتمال انخفاض سعر أونصة الذهب إلى 1600 دولار.
التعليقات مغلقة.