تابع المستثمرون انهيار عملة لونا الرقمية بالتزامن مع تراجع أسواق الأسهم العالمية وارتفاع التضخم. حيث شهد مجال التشفير رباح عاتيه وحالة من عدم اليقين خلال هذه الفترة. بعدما ادى انهيار كل من عملتي لونا وعملتها المستقرة تيرا لإفلاس الكثير من المتعاملين في خلال أيام معدودة. مما صاعد حالات الغضب ودافع الانتقام من المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة تيرا بلوكشين، وعملة لونا الرقمية الكوري الجنوبي، دو كوون. حيث قاد انهيار عملة تيرا (TerraUSD) المعروفة اختصاراً بــ (UST)، وهي عملة مستقرة يتم ربط قيمتها بالدولار الأمريكي كانت قيمتها السوقية تبلغ حوالي 18.7 مليار دولار (من المفترض ان تساوي 1 دولار قبل التهاوي لتتداول اقل من 9 سنت في أقل من عدة ايام) يتم استخدام تلك العملة المستقرة في بيع وشراء رمز تابع لها معروف باسم لونا (LUNA) وهي احد العملات الرقمية. سوق العملات المشفرة إلى حالة من الذعر والتراجع القوي.
انهيار عملة لونا الرقمية
مشروع قائم على ارضية غير صلبة
من المفترض أن كل عملة مستقرة تعمل وفق نظام يحفظ قيمتها. الطريقة الأشهر للحفاظ على قيمة تلك العملات المستقرة وضع احتياطي نقدي من الدولار الأمريكي في حساب بنكي كضمان لتلك العملة المستقرة، حيث يتم ربط كل وحدة من نلك العملات المستقرة بدولار أمريكي حقيقي. بناء على هذا الوضع النظري يستطيع كل متداول يملك عملة مستقرة استبدالها مقابل دولار أمريكي.
الا ان الوضع مختلف مع عملة تيرا (المستقرة) حيث تستمد قيمتها من عملة لونا والتي يتم اصدارها من نفس الشركة التي تصدر عملة تيرا.
- حيث يمكن لمالكي عملة “تيرا” بيعها مقابل عملة “لونا” التي تساوي دولارا واحدا.
- هذا يعني أن عملة لونا عندما كانت تساوي 80 دولار يمكن استبدلها مقابل 80 تيرا.
- اذا تراجعت “تيرا” لتتداول أقل من دولار واحد،
- فإن المراجعين سوف يندفعون ويشترون عملة “تيرا”
- لتحقيق ربح مقابل عملة لونا ويبيعونها لتحقيق ربح.
عملية نصب كاملة الأركان
هو نظام فعال استمر طالما كانت عملة “لونا” ذات قيمة سوقية جيدة. لكن المشكلة بدأت عندما انهارت عملة لونا بشكل سريع لتسجل حوالي 30 دولارا قبل التراجع إلى أقل من 1.50 دولار. وعندما انهارت عملة لونا، بدأ الناس في بيع عملة تيرا أيضا.
مع مرور الوقت وتكشف حقيقة عملة لونا الرقمية يبدو ان بعض المنتقدين للعملات المشفرة مثل وارن بافيت، كريستين لاجارد، على حق في رفض تلك المشاريع. في هذا الإطار قالت كريستين لاغارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي،
إن العملات المشفرة ليس لديها أي أساس تستند إليه، ويجب تنظيمها حتى لا يضارب الناس عليها بمدخرات.
فالواقع قد كشف ان المشروع الحقيقي الذي قامت عليه عملة تيرا هو ثقة (غرور) مؤسس تلك العملة. فالمشروع لم يقم على أرضية صلبة غير ما يدعيه دو كوون، خريج جامعة ستانفورد في علوم الكمبيوتر، من ثقته في مشروعه كذلك الكثير من الانتقادات بشكل خاص لمنافسيه والمحللين المشككين في أوراق اعتماده. وهو ما يظهر في عدد من التغريدات على موقع التواصل الاجتماعي تويتر مثل:
“أنا الملك”.
كما أطلق كوون على الرافضين لعملته
“فقراء”، “أنا لا أجادل الفقراء”.
تنظيم ادارج العملات والأصول المشفرة
يؤكد الانهيار لرمز العملة المشفرة لونا (Luna) والذي بلغ 40 مليار دولار على صدق الكثير من الانتقادات التي وجهت للأصول المشفرة. خاصة ان اغلب تلك العملات سجلت ارتفاع تحت ظروف خاصة (الاموال الرخيصة التي تمت طباعتها خلال فترة الجائحة). الامر الذي تحول مع ارتفاع التضخم وبدء سحب الأموال من الأسواق.
تأثير كوين بيس
يحتاج مجال التشفير من تعدين وادارج عملات لوضع تنظيمات ومعايير شاملة حفاظاً على مدخرات الافراد. حيث يعتبر انهيار عملة لونا الرقمية، والذي ترافق مع انهيار عملة تيرا المستقرة انذار جديد على مخاطر إدراج الرموز الجديدة، خاصة في ظل عدم وجود تشريعات تنظيمية حول هذه الأصول. وهو ما وصفته شركة الأبحاث CryptoCompare بأنه
“أكبر تدمير للثروة في هذا القدر من الوقت في مشروع واحد في تاريخ التشفير”.
على الرغم من ادعاء بعض من أشهر البورصات العاملة في هذا المجال على تشديدها قبل الموافقة على ادراج الكثير من الرموز المشفرة او العملات المستقرة الا ان هذا التشديد لم يجد نفعاً عندما حدث انهيار مثل انهيار عملة لونا الرقمية. فهناك عوامل تدفع تلك البورصات لادارج الكثير من تلك الرموز مثل السيولة العالية عند ادراج احد تلك العملات وهو ما قد يبرر التغاضي عن احد معايير الامان، خاصة مع تزايد حماس المتداولين لعملة او رمز محدد وهو ما يطلق عليه المحللين تأثير كوين بيس (Coinbase). حيث دفعت عمليات البيع والشراء للرموز المشفرة الصغيرة في رفع حجم التداول بنحو سبعة أضعاف على منصة كوين بيس خلال2021.
قال مسؤول تنفيذي كبير في مجموعة تشفير أوروبية كبيرة:
“إذا كنت في عالم خاضع للتنظيم، فستكون مسؤولاً عن المنتجات التي تطرحها في البورصة”.
التعليقات مغلقة.