على عكس المتوقع قد ينقلب السحر على الساحر وبدلا من ان توقع العقوبات الغربية على روسيا ضرراً اقتصاديا على روسيا قد يحدث العكس. حيث يتسبب الحظر التدريجي بدلا من الفوري على النفط الروسي بإعطاء موسكو المزيد من الوقت لإعادة توجيه انتاجها من النفط لعملاء بعيداً عن أوروبا خلال الفترة المتبقية من العام، وذلك بحسب ما ذكرته وكالات الانباء.
فبالرغم من توصل الاتحاد الأوروبي لاتفاق يهدف لخفض واردات الخام الروسي بنسبة 90 في المئة، الا أن طرق الإمدادات ستظل تعمل بصورة قانونية حتى ختام العام. قال محللون عن هذه العقوبات او طريقة تطبيقها ان موسكو تشعر بالارتياح من خلال هذه الطريقة، حيث تم وصفها بانها عقوبات مخففة. وهو ما قدي يمنح وقت كبير حتى نهاية العام لروسيا يسمح لها بترتيب أورقها واعادة ترتيب قاعدة عملائها بعد حل المشاكل اللوجستية. خاصة وان البيانات تظهر تفوق الدول الآسيوية على القارة الاوروبية في مشتريات الطاقة الروسية. على عكس الوضع خلال العام الماضي، حيث كانت دول الاتحاد الاوروبي تستحوذ على أكثر من 50 في المئة من النفط الروسي.
الحزمة السادسة من العقوبات الغربية على روسيا
بعد لسلة من الخلافات المستمرة توافق القادة الأوروبيين لاتفاق سياسي تم اقرار بموجبه حزمة العقوبات هي السادسة من الدول الاتحاد الاوروبي ضد روسيا. تضمنت هذه العقوبات:
- خفض الاتحاد الأوروبي واردات النفط من روسيا بنسبة 90 في المئة (العقوبات غير مطبقة على النفط المنقول عبر خطوط الأنابيب) بحلول ختام 2022.
- اخراج بنك سبيربنك والذي يصنف من باعتباره أكبر المصارف الروسية من نظام سويفت.
- فرض العقوبات بالحظر على ثلاث محطات إذاعية روسية من البث في دول الاتحاد الأوروبي.
- اقرار خطة المفوضية الأوروبية والتي تبلغ نحو 300 مليار يورو لاستبدال الوقود الأحفوري القادم من روسيا.
علق المستشار الألماني أولاف شولتز، على العفويات قائلاً
الهدف من اقرار الاتحاد الأوروبي العقوبات إجبار روسيا على إنهاء الحرب في أوكرانيا. ولتدفع روسيا عواقب أفعالها. مؤكدا أن هذه العقوبات اظهرت الوحدة ما بين الدول الأوروبية، والتضامن مع أوكرانيا.
عدد قياسي من العقوبات المفروضة
على جانب اخر يرى العديد من الخبراء أن العقوبات الأوروبية التي تم فرضها على روسيا منذ غزو شبه جزيرة القرم منذ عام 2014، والتي تبلغ نحو 10128 عقوبة متنوعة، وهو أكبر عدد من العقوبات الذي تم فُرضه على أي دولة أخرى في العالم. حيث بلغ عدد العقوبات الغربية على بعض الدول التي تعتبرها مارقة اقل من ذلك بكثير (سجلت العقوبات الغربية على إيران نحو 3161 عقوبة. كما تم فرض نحو 2608 عقوبة ضد سوريا. كما بلغت العقوبات ضد كوريا الشمالية نحو 2077 عقوبة). يظهر العدد الهائل من العقوبات المفروضة على روسيا مدى الاستهداف حيث لم ينج اي قطاع عامل في البلد من العقوبات. كما توسعت العقوبات لتشمل اشخاص وشركات في كافة المجالات. مع ذلك لم يكن لهذا العدد الهائل من العقوبات التأثير السلبي على روسيا، حيث لم تحقق النتائج المرجوة. حيث نجحت حكومة بوتين في التعامل معها بنجاح كبير.
تحسن نتائج الاقتصاد في روسيا
يعتقد البعض ان رد الفعل الروسي المتمثل في اتخاذ بعض الإجراءات لدعم المجالات المختلفة. اظهرت الحكومة مرونة في التعامل مع العقوبات مما انعكس على الاقتصاد الروسي والذي اظهر ديناميكيات إيجابية. على سبيل المثال، عند مقارنة بعض القطاعات العاملة في روسيا بعد بداية الغزو في مارس الماضي بنفس الفترة من العام الماضي نجد ان البيانات تظهر التالي:
- اظهرت تقديرات الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الأول نمو بنسبة 103.5في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
- تحقيق فائض تجاري قياسي وصل إلى 250 مليار دولار، وهو رقم تجاوز ضعف الرقم المسجل العام الماضي.
- سجلت صناعة التعدين نمو بنسبة 7.8في المئة.
- توسعت إمدادات الطاقة بنسبة 1.5في المئة.
- كما توسع إمدادات المياه والتخلص من النفايات بنسبة 7.2في المئة.
- ارتفاع قطاع الأغذية بنسبة 1.1 في المئة.
- توسع الإنتاج الطبي بنسبة 46.8 في المئة.
ومع ذلك، انعكست اثار الحرب الروسية في أوكرانيا على باقي دول العالم والذي واجهه ازمات كبيرة على مستوي التضخم بسبب ارتفاع سعار واردات الطاقة والغذاء. باعتبار ان روسيا واوكرانيا من أكبر الدول العالمية المصدرة للقمح. كما روسيا ترقد على احتياطات هائلة من النفط والغاز. بل ان العقوبات على واردات الطاقة الروسية قد اضرت بوحدة التحد الاوروبي مع رفض المجر قطع امتداد النفط الروسي.
تأثر الاقتصاد الروسي
الا انه للأنصاف لم تمر العقوبات الغربية على روسيا مرور الكرام فقد وقد أصبحت آثار هذه الحرب على الخطط الاقتصادية الروسية ملموسة، حسب الموقع، كما ارتفعت الأسعار مع توسع نسبة التضخم بنسبة 17.8% خلال عام واحد في أبريل/نيسان الماضي مما ينذر بآثار خطيرة طويلة الأمد، بينما ستكون روسيا معزولة بشكل دائم على الساحة الدولية.
في هذا الشأن صرحت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين يوم الثلاثاء، خلال جلسة الاستماع المصرفية في مجلس الشيوخ، أن روسيا “تمر بحالة ركود واضحة” مضيفة أن التضخم في البلاد
“كان على الأرجح يصل إلى حوالي 20٪ هذا العام”. وأكدت يلين “على أساس كلي، فإن عقوباتنا لها تأثير شديد للغاية على روسيا”. كما قالت “الشركات الروسية التي تعرضت للعقوبات تجد أنه يكاد يكون من المستحيل الوصول إلى السلع والخدمات التي تحتاجها في الأسواق العالمية”.
كما قالت أضافت يلين أن الاوليغارشية تستخدم تبادل العملات المشفرة
“لاكتشاف طرق لحماية أموالهم من العقوبات ونعمل تضييق الخناق على ذلك ووضع حد له”.
التعليقات مغلقة.