شهد الفترة الماضية أخبار متفاوتة رسمت صورة متباينة لوضع متضارب حول نمو الاقتصاد الروسي 2019 ، فمنها من أشاد بمعدلات نموه التي تؤهله لقفزة اقتصادية مشهودة، ومنها من ندد بمعدلات تباطؤه التي تدفعه لحافة مرحلة ركود جديدة.
يعتبر الاتحاد الروسي أكبر منتج منفرد للنفط الخام في العالم ، حيث يضخ 10.95 مليون برميل يوميًا في يناير ، وفقًا لوزير الطاقة في البلاد كما يعتمد اقتصاد روسيا اعتمادًا كبيرًا على صادرات النفط والمنتجات البترولية
إذا ما هي حقيقة الوضع الفعلي للاقتصاد الروسي، أنمو أم ركود جديد ؟! وهذا ما سنوضحه خلال هذا المقال.
الروستات تثير الريبة حول وضع الاقتصاد الروسي
فلقد بدأت ملامح الصورة الاقتصادية المتباينة عندما نشرت وكالة الإحصاء الفيدرالية الروسية (روستات) بياناتها الأولية لمؤشرات الربع الأول لعام 2019، والتي أشارت فيها إلي
- إن معدل نمو إجمالي الناتج المحلي خلال هذا الربع بلغ 0.5 %، وهو يعد أدنى حتي من أكثر التوقعات تشاؤماً.
لذا ذهبت أراء العديد من الخبراء أن المعطيات الأولية لمعدل تباطؤ الاقتصاد الروسي، تدل على أنه يقف على حافة مرحلة ركود جديدة.
وبين عشية وضحاها، أعلنت الروستات الجمعة 25 مايو 2019 عن إجراء بعض التعديلات علي بياناتها المنشورة فقط بالأمس!، وذلك فيما يخص
- تعديل أرقام الناتج الصناعي .
- تعديل أرقام نمو الأجور في مارس 2019 من صفر إلى 2.3%.
- وارتفاع الأجور المعدلة بالتضخم بمعدل 1.6٪ في أبريل .
- وكذلك تم تعديل ارقام شهر مارس لتصبح 2.3٪.
إلا أن مثل هذه التعديل السريع للبيانات الرسمية أثار الريبة والشك والكثير من المخاوف حول مدي دقة البيانات ومصداقيتها ومن ثم تعرض الوكالة للتوبيخ من وزير الاقتصاد وخضوعها لتدقيقا متزايدا بعد سلسلة التعديلات هذه.
واستنادا علي الرقم الجديد المعدل للناتج الصناعي، فلقد أعلنت وزارة الإقتصاد الروسية بأن إجمالي الناتج المحلي الروسي قد نما بوتيرة سريعة في أبريل 2019 ليصل إلى 1.6% على أساس سنوي، ويرجع ذلك لحد كبير إلي زيادة الناتج الصناعي.
- وعليه تتوقع الوزارة بأن يصل إجمالي معدل عام 2019 نسبة 1.3 %، و 2% بنهاية عام 2020، و 3.1% عام 2021.
وذلك النهج يتفق تماما مع «مرسوم مايو للمشروعات القومية» الذي وضعه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمام الحكومة، والذي يهدف لدخول روسيا عام 2024 في قائمة أكبر 5 اقتصادات بالعالم.
مستقبل نمو الاقتصاد الروسي
والآن، وفي ضوء معدل نمو الربع الأول للعام الحالي، يتساءل المحللون والخبراء حول مستقبل وتيرة معدلات نمو الاقتصاد الروسي في المرحلة المقبلة،
- فتُري إذاما كانت ستتباطأ حتى الصفر، تُري ستغور لتدخل المجال السلبي في الربع الثاني من هذا العام ؟
- أم ستستقر عند معدل 1%، لتتسارع بالارتفاع مجدداً ؟
توقعات المركزي الروسي لــ الاقتصاد الروسي 2019
البنك المركزي الروسي يتوقع معدل نمو يتراوح 1.2% – 1.7 % مع رحيل العام الحالي، معلقا آمال دفع عجلة النمو علي مساهمة الاستثمارات الرسمية في تنفيذ «المشروعات القومية».
وهذا ما اتفقق معه الخبراء، فلقد اجمع أغلبهم بأن الاستثمارات الحكومية بصفة خاصة، هي التي ستلعب دور محرك الدفع للأقتصاد الروسي خلال السنوات المقبلة.
توقعات صندوق النقد الدولي
وأخيرا لكي يُحسم الجدل وتضح الصورة، فلقد أصدر صندوق النقد الدولي بيان يوم الجمعة 25 مايو، فلقد صرح بأنه يتوقع للاقتصاد الروسي أن يحقق معدل نمو قدره 1.4 % في 2019.
وأضاف الصندوق مفسرا سبب توقعه لهذا المعدل، بأن متوسط نمو إجمالي الناتج المحلي لروسيا في السنوات الثلاثة الماضية بلغ معدل مماثل عند 1.4 %
ومن ناحية أخري، فلقد شدد البيان علي حاجة روسيا للتركيز حاليا على الإصلاحات المحلية لتحسين إمكانات النمو، وكذلك ضرورة استكمال السلطات الروسية للخطة التي وضعتها عام 2014، والتي تتضمن استهداف التضخم وتحقيق مرونة سعر الصرف وتوازن الموازنة. وأشاد بقرار البنك المركزي الروسي، للإبقاء على سعر الفائدة عند 7.75 %، للمرة الثالثة منذ بداية العام الحالي.
لموازنة الاقتصاد الروسي 2019 روسيا تريد أن تنفق مليارات الدولارات في صندوق الثروة
إن خطة روسيا لإنفاق عشرات المليارات من الدولارات من صندوق يومها الممطر لإحياء النمو الاقتصادي الراكد تهدد بتقويض سياسات الميزانية الضيقة التي جعلت منها مفضلة لدى مشتري السندات.
وقالت ناتاليا أورلوفا ، المحللة في بنك ألفا في موسكو :
“هذه ضربة أخرى للثقة”. وأضافت “كان هناك أمل في أن قاعدة الميزانية تعمل بشكل جيد وأنها ستستمر” ،
في إشارة إلى آلية توفير الأموال التي سمحت لروسيا بتكوين احتياطياتها.
تم إنشاء الصندوق للمساعدة في تهدئة الحكومة إذا ما انخفضت أسعار النفط مرة أخرى أو تعرضت روسيا لعقوبات اقتصادية . ولكن بسبب
- توقف نمو ودخول المستهلكين .
- وتراجع شعبية الرئيس فلاديمير بوتين .
فإن الكرملين حريص على إيجاد سبل لتعزيز مستويات المعيشة. لقد نسفت العقوبات وعدم الاستقرار الاقتصادي الآمال في أن يأتي الاستثمار من القطاع الخاص أو من الخارج.
إن إنفاق الأموال – التي تقول بعض التقديرات إنها قد تصل إلى 55 مليار دولار العام المقبل – من شأنه أن يفسد القاعدة المالية التي ساعدت روسيا في حماية اقتصادها من الصعود والهبوط في أسعار النفط. بموجب القاعدة ، التي فرضت لأول مرة في أوائل عام 2017 ، توفر الحكومة جميع عائدات النفط من الأسعار التي تتجاوز 40 دولارًا للبرميل في احتياطيات النقد الأجنبي لمنعها من تأجيج التضخم.
ان سياسات الميزانية الصارمة للكرملين ، حتى في ظل العقوبات والركود الاقتصادي ، جعلت منها مكانة بارزة بين الأسواق الناشئة ، مما ساعد الروبل على التفوق على جميع العملات الرئيسية هذا العام. نصح المحللون في صندوق النقد الدولي روسيا بعدم استخدام الأموال “للأنشطة شبه السيادية” في تقرير حديث ، قائلين إنه يجب عليها حماية الموارد للأجيال القادمة.
أثارت الخطة الجديدة جدلاً وتسببت في انقسام عام غير عادي بين وزارة المالية ، التي اقترحت الإنفاق ، والبنك المركزي ، الذي حذر من أنه سيكون تضخيمًا ويؤدي إلى نتائج عكسية.
التعليقات مغلقة.