هل يمثل الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا تهديد لقناة السويس ؟
الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (IMEEC) هو ممر اقتصادي مخطط يهدف إلى تعزيز التنمية الاقتصادية من خلال تعزيز الاتصال والتكامل الاقتصادي بين آسيا والخليج العربي وأوروبا. والممر مقترح من الهند إلى أوروبا يمر عبر منطقة الشرق الأوسط من خلال الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والأردن وإسرائيل واليونان.
تم الكشف عن الممر الاقتصادي في 10 سبتمبر 2023 خلال قمة مجموعة العشرين في دلهي من قبل قادة الولايات المتحدة والهند والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والاتحاد الأوروبي. حيث تم الإعلان عن المشروع كجزء من الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار، وهي مبادرة لمجموعة العشرين لتعبئة الموارد العامة والخاصة لتطوير البنية التحتية المستدامة.
الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا
من المتوقع أن يحفز الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا النمو الاقتصادي من خلال تعزيز الاتصال والتجارة عبر قارتين. ييضمن المشروع بناء شبكة السكك الحديدية، المرتبطة عبر الموانئ، وربط أوروبا والشرق الأوسط وآسيا. ومن المقرر أن يمتد خط السكة الحديد من مومباي في الهند إلى بيرايوس في اليونان، مروراً بدبي والرياض وعمان وتل أبيب. كما يهدف المشروع أيضًا إلى مد كابلات تحت البحر وربط شبكات الطاقة وخطوط الاتصالات لتوسيع الوصول الموثوق إلى الكهرباء والإنترنت. بالإضافة إلى ذلك، يعمل المشروع إلى تسهيل تطوير وتصدير الطاقة النظيفة، وتمكين ابتكار تكنولوجيا الطاقة النظيفة المتقدمة، وربط المجتمعات بالإنترنت الآمن والمستقر.
منافسة مباردة الحزام والطريق الصيني
يُنظر إلى الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا على أنه مشروع مضاد لمبادرة الحزام والطريق الصينية (BRI)، التي تعرضت لانتقادات بسبب خلق فخاخ الديون وتقويض المعايير البيئية ومعايير العمل في البلدان النامية. يدعي أنصار الممر الاقتصادي من الهند والشرق الأوسط وأوروبا أن مشروعهم سوف يلتزم بمعايير عالية من الشفافية والمساءلة والاستدامة والشمولية. كما يؤكدون أن مشروعهم سيحترم سيادة الدول الشريكة ووحدة أراضيها ولن يتدخل في شؤونها الداخلية.
تشير التوقعات المبدئية أن يفتح الممر الاقتصادي استثمارات جديدة من الشركاء، بما في ذلك القطاع الخاص، ويحفز خلق فرص عمل جيدة. ومن المتوقع أيضًا أن يؤدي المشروع إلى تعزيز الأمن الغذائي وسلاسل التوريد، ودفع التجارة والتصنيع الحاليين، وتعزيز التعاون والاستقرار الإقليميين. تقدر تكلفة الممر الاقتصادي من الهند والشرق الأوسط وأوروبا بحوالي 500 مليار دولار ويستغرق إكماله 10 سنوات.
مخاوف واعتراضات
قد تلقى الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا ردود فعل متباينة من دول أخرى في المنطقة. وقد أعربت تركيا عن معارضتها لمشروع تجاوز أراضيها ودعمت بدلاً من ذلك مشروعًا بديلاً يربط الخليج الفارسي بأوروبا عبر العراق وتركيا. كما أعربت إيران عن مخاوفها بشأن تأثير المشروع على مصالحها الاستراتيجية ونفوذها الإقليمي. ورحبت باكستان بالمشروع باعتباره فرصة محتملة لتعزيز علاقاتها التجارية مع الهند ودول أخرى. وأعربت مصر عن اهتمامها بالانضمام إلى المشروع كمركز عبور بين أفريقيا وأوروبا.
اضرار الممر الاقتصادي على قناة السويس
في هذا الشأن تسعى مصر لتجنب اي ضرر محتمل للممر الجديد على قناة السويس وهي ممرا مائيا حيويا يربط البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر، تمثل التجارة العابرة للقناة حوالي 12% من التجارة العالمية، كما يعبر حوالي مليون برميل من النفط وحوالي 8% من الغاز الطبيعي المسال يوميًا. وتقدر إيرادات القناة بما يتراوح بين 14 إلى 15 مليون دولار يوميًا
يرى الخبراء وجود احتمالات أن يكون مشروع الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا بعض التأثير السلبي على قناة السويس، لأنه سيوفر طريقا بديلا للتجارة بين الهند وأوروبا عبر الشرق الأوسط. ويمكن للمشروع أن يقلل الاعتماد على القناة وازدحامها، خاصة في حالات الطوارئ أو الاضطرابات. ومن الممكن أن يؤدي المشروع أيضًا إلى زيادة المنافسة وخفض رسوم عبور القناة
ومع ذلك، فمن غير المتوقع أن يكون تأثير المشروع على القناة كبيرًا أو فوريًا، حيث لا يزال المشروع في مراحله الأولى ويواجه العديد من التحديات والشكوك. وسيتطلب المشروع مستوى عال من التنسيق والتعاون بين العديد من البلدان ذات المصالح السياسية والاقتصادية المختلفة. كما سيواجه المشروع مخاطر أمنية ولوجستية في بعض المناطق التي يمر بها. علاوة على ذلك، لن يكون المشروع قادرًا على مجاراة قدرة وكفاءة القناة، التي تعد أقصر الطرق وأكثرها أمانًا للتجارة البحرية بين أوروبا وآسيا. وتخطط القناة أيضًا لتوسيع وتحديث بنيتها التحتية لاستيعاب المزيد من السفن وزيادة إيراداتها
ولذلك، فإن مشروع الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا يمكن أن يكون له بعض التداعيات على قناة السويس، لكن من غير المرجح أن يشكل تهديدًا خطيرًا أو ضررًا لعملياتها أو أهميتها في التجارة العالمية.
التعليقات مغلقة.